السؤال
زوجي توفي منذ عامين، ورزقنا الله ببنتين تبلغان من العمر 11 سنة، و6 سنوات، ومنذ وفاة زوجي لم يسأل أعمام البنات عنهن إطلاقا، لا في الأعياد ولا في الأيام العادية، ولا حتى عبر الهاتف.
فهل يجب علي أن أسعى لتواصل بناتي مع أعمامهن حتى يصلن رحمهن؟ وهل أكون آثمة إذا لم أفعل ذلك، باعتباري المسؤولة عن البنات بعد وفاة والدهم؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Ibtissam حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك بالموقع، وبداية نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يأجرك في مصيبتك بفقد زوجك، وأن يخلف عليك خيرا.
ونهنئك -ابنتنا الكريمة- بفضل الله تعالى عليك ومنته عليك بهاتين البنتين، وتوفيقه لك بأن تقومي بتربيتهما والقيام عليهن، وأنت تعلمين الأحاديث الواردة عن النبي ﷺ في ثواب من رزقه الله تعالى بنات فأحسن إليهن، فقد قال الرسول ﷺ كما في الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه، قال صلوات الله وسلامه عليه: من ابتلي من البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترا من النار.
ويضاف إلى هذا، أنك تقومين على بنتين يتيمتين، وهذا عمل آخر لك فيه ثواب جزيل، فقد قال الرسول ﷺ في الحديث الذي رواه الإمام مسلم -أيضا-، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة.
والمقصود بقوله ﷺ اليتيم له أن يكون اليتيم قريبا له، والعلماء يقولون: مثل الأم، فالأم إذا قامت على أولادها اليتامى فهي أول من يدخل في هذا الحديث النبوي الشريف، فاحتسبي أجرك وتقربي إلى الله -سبحانه وتعالى- بهذا العمل الجليل الذي تقومين به بتربية هاتين البنتين تربية صحيحة، وسيجعل الله تعالى لك فيهن بركة وأجرا وسعادة في دنياك وفي آخرتك.
وأما ما يحصل من أعمامهن من تقصير، فهذا عمل هم يسألون عنه، والله تعالى سائلهم عن ذلك، ولا يجوز لهم أن يستمروا في هذه القطيعة، بل الواجب عليهم أن يصلوا بنات أخيهم، بما جرت به عادة الناس من الصلة، في حدود قدرتهم واستطاعتهم.
فإذا استطعت أن تستعيني بمن يذكرهم بهذا الواجب، فهذا شيء حسن، وهو من باب النصيحة، وإن لم تستطيعي فربي بناتك أنت على ما أمر الله تعالى به من التربية، فقد أمرك الله تعالى وأمرك رسوله ﷺ بإحسان التربية والقيام بالأمانة، فقال سبحانه وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا}.
وبين علماء الصحابة ومن بعدهم كيف تؤدى هذه الوظيفة، فقالوا: "علموهم وأدبوهم"، هكذا قال الإمام علي رضي الله عنه، فالتعليم والتأديب حق لبناتك عليك، وقال الرسول ﷺ: مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، والعلماء يقولون: يجب أمرهم بكل فرائض الله تعالى وتعويدهم عليها.
فاجتهدي في تعليم بناتك فرائض الله تعالى، ومن هذه الفرائض صلة الرحم، وأعمامهن من الرحم التي يجب وصلها وإن قطعوها هم، فقد قال الرسول ﷺ: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها.
وجاء رجل آخر إلى رسول الله ﷺ يقول: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال له الرسول ﷺ: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل يعني: تطعمهم رمادا حارا، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.
فاحرصي كل الحرص على أن تؤدبي بناتك بآداب الإسلام، وأن تعلميهن الفرائض التي أمر الله تعالى بفعلها، وتحذريهن من المحرمات التي نهى الله تعالى عنها، واحتسبي أجرك في أداء هذه المسؤولية، فثوابك عظيم.
نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يجعل هؤلاء البنات قرة عين لك في دنياك وفي آخرتك، وأن ينفعك بهن في حياتك وبعد مماتك.
وفقك الله لكل خير.