السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالب، وهناك مدارس يكثر فيها اختلاط النساء، وأبي يجعلني أذهب هناك، لكني لم أذهب، ولم أخبر والدي بذلك؛ فمن المحتمل لو أخبرت أبي أن يرفض ذلك، مع أني مرة ألمحت إليه بشيء مشابه، فقال لي: (براحتك)، فما حكم ما فعلت، وهو يعطيني المال لهذا الدرس؟ وماذا أفعل به؟ وهل يجب علي إخباره؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام بطاعة الوالد، ونبشرك بأن طاعة الوالد وطاعة الوالدة مفتاح للنجاح، فالعظيم ربط رضا الوالدين برضاه وسخطه بسخطهما، وهو القائل: ﴿أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير﴾، وبر الوالدين من أكبر الطاعات التي تفتح على الإنسان أبواب الخيرات، فنسأل الله أن يرزقك بر والديك، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
ونشكر لك رفضك للمنكر، وحرصك على أن تكون في المكان الذي ليس فيه مخالفات، أو المكان الذي فيه عون على الطاعات، ونسأل الله لنا ولك الثبات والسداد.
بالنسبة للموضوع الذي أشرت إليه، لا بد أن يكون الوالد على علم بما يحصل، وأرجو أن تعرض له الأمر بطريقة جميلة وصحيحة، وتبين له أنك غير راغب في الذهاب، وأن أسباب امتناعك هي كذا وكذا، كخوفك على نفسك، أو لوجود النساء، أو غير ذلك، وبعد ذلك تستمع لتوجيهات ونصائح الوالد، وتحاول معه أن تبحث عن البديل المناسب إذا كان ذلك موجودا، وتجتهد في التعامل مع الوضع وفق ما يرضي الله -تبارك وتعالى-.
والذي يهمنا الآن هو أن يكون الوالد على علم بالذي يحصل، فلا يجوز للإنسان أن يأخذ أموالا على أنه يذهب للدرس ويذهب للجامعة ثم لا يذهب، لا بد أن يكون واضحا في تعامله مع والده، ويبين له حقيقة ما يحصل، ويناقشه في ذلك عن علم، ويستفيد من رأي الوالد وتوجيهاته.
فإذا استطعت أن تقنع الوالد لتجدوا بديلا مناسبا، أو يضع لك طريقة يمكن أن تستفيد منها دون أن تتعرض لهذه المخالفات التي تخاف على نفسك منها، فهذا هو المطلوب.
وأعتقد أن الوالد سيفرح إذا طرحت الموضوع بمنتهى الهدوء، واخترت الأوقات المناسبة، وحاورته بطريقة لطيفة مناسبة، مبينا له أنك حريص على طاعته، لكنك في نفس الوقت تخشى أن تقع فيما يغضب الله -تبارك وتعالى-، وأنك تنتظر منه أن يعينك على ما فيه طاعة، وتشكر له اهتمامه والأموال التي يبذلها من أجل أن تتعلم، ومن أجل أن تطور نفسك في مجال الدراسة، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يديم بينك وبين الوالد الحب، وأن يعينك على احترامه وتقديره وطاعته.
وإذا لم يصبر الواحد منا على الوالدين فعلى من يكون الصبر؟! وعليك أن تعلم أن الوالد هو أحرص الناس على مصلحتك، ونحن نكلمك ولنا أبناء، فنعرف كيف أن الوالد يحمل المشاعر تجاه أبنائه، ويتمنى لهم النجاح والفلاح والسعادة والطاعة لله -تبارك وتعالى- لأنكم في الحقيقة -أيها الأبناء- امتداد لأعمالنا نحن معاشر الآباء بعد موتنا، والأولاد هم أكبر استثمار يحرص الإنسان عليه.
فاحرص على بر والدك، وأبشر بالخير من الله -تبارك وتعالى-، ونسأل الله أن يعينكم على الاختيار الصحيح، وعلى حل هذا الإشكال بما فيه طاعة ورضا، وبما يحقق لك أيضا المصلحة العلمية، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.