وساوس ذنوبي تلاحقني باستمرار مما يشعرني بالحزن والبكاء!

0 0

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله خيرا وزادكم علما ونفعا.

تمر علي أوقات أشعر فيها بالحزن، وعدم تقبلي لذنوبي التي مضت، و-الحمد لله- أسأل الله الثبات، وأقول لنفسي عند تذكري لها: كيف فعلت هذا؟ وأتذكر حينها قوله تعالى: (ألم يعلم بأن الله يرى)، فأبكي وأقول: أعلم والله، ولا أجد نفسي بخير، وإني أخاف الله، لكن نفسي غلبتني وقتها، ولا أزال أجاهدها، أسأل الله العظيم الثبات.

الحمد لله رب العالمين، أنعم الله علي بحفظ كتابه، ولا زلت أحفظ، وأسأل الله أن يعلمني بالقرآن، ويجعله شفيعا لي، ويرزقني حفظه، والعمل به.

ومع فكرة عدم تقبلي لذنوبي التي مضت، تأتيني وساوس بشأن صلاتي ونوافلي، وأي عمل أقوم به لله أشعر أنه لن يقبل، وعندما أقرأ الفاتحة أبكي عند قوله تعالى: (غير المغضوب عليهم).

دائما ما أشعر أن الله غاضب مني بسبب ذنوبي التي مضت، فهي تلاحقني باستمرار، لكن الله ربي ودود رحيم، ومن فترة قصيرة ارتديت -والحمد لله- الخمار، ونفسي تريد النقاب، وأسأل الله أن يرزقني الصدق في النية.

أريد نصيحة بشأن هذه الوساوس، أو فكرة خوفي من عدم قبول صلاتي وغيرها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلوى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك بالموقع، ونحب أولا أن نهنئك بفضل الله تعالى عليك، وما رزقك من حب الطاعة، والندم على فعل المعصية، وهذه علامات -إن شاء الله- على أن الله -سبحانه وتعالى- يريد بك الخير، فتوفيق الله تعالى للطاعات، وتنفير النفس من الذنوب والمعاصي علامات على أن الله تعالى يريد بالإنسان الرشاد والصلاح، كما قال الله في كتابه: ﴿ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أو۟لٰٓئك هم ٱلراشدون * فضلا من ٱلله ونعمة﴾ [الحجرات: 7-8]، فنسأل الله تعالى أن يتم عليك فضله ونعمته، وأن يسهل لك الخير ويعينك عليه.

وأما هذه الوساوس التي تراودك؛ فاعلمي أيتها البنت الكريمة أن الشيطان يحاول قطع كل طريق تحاولين سلوكه إلى جنة الله، فقد قال الرسول الكريم ﷺ: إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه كلها، فهو جالس على الطريق، كلما سلكت طريقا تحاولين من خلاله الوصول إلى رحمة الله وإلى رضوانه وجنته؛ فإن الشيطان يحرص على أن يقطع عليك هذا الطريق، وقد أقسم هو على هذا كما أخبر الله تعالى في كتابه: ﴿ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمآئلهم ۖ ولا تجد أكثرهم شاكرين﴾ [الأعراف:17].

فإذا تذكرت هذه الحقيقة، فإنه سيسهل عليك أن تقاومي هذا الكيد الشيطاني والمكر الخبيث؛ فلا تستسلمي له، فإنه يريد فقط أن يقطعك عن الطاعة، لكن لما رآك عازمة على فعل الطاعات واجتناب المعاصي، لم يقدر على صرفك عنها، فحاول أن يأتيك بحيلة أخرى، وهي: التخويف من أن الله -سبحانه وتعالى- لم يقبل منك العمل، وأنه غضب عليك، فهذه حيل شيطانية لا تلتفتي إليها بأي حال من الأحوال.

اتخذي من هذه المخاوف أداة ووسيلة تدفعك وتحفزك نحو إتقان عملك، وإحسان صلاتك بقدر استطاعتك، ثم بعد ذلك أحسني الظن بالله، فإن الله تعالى رحيم، ودود، وهو ليس بحاجة إلى طاعتنا، ولا تضره معاصينا، ولكنه -سبحانه وتعالى- يختبر طاعتنا له، فإذا رأى منا الصدق في العزم على تنفيذ ما يأمرنا بفعله واجتناب ما نهانا عن فعله، وإذا رأى منا الصدق، وعلم منا العزيمة الصادقة على هذا، فإنه -سبحانه وتعالى- يتولى عوننا ويتقبل منا أعمالنا ويجبر ضعفنا، فقد قال سبحانه: ﴿والذين آمنوا وعملوا الصالحات ‌لندخلنهم ‌في ‌الصالحين﴾.

فأحسني الظن بالله تعالى، فهو -سبحانه وتعالى- لا يرد طالبا يطلبه، فهو سبحانه أكرم الأكرمين، وهو سبحانه حيي كريم ‌يستحي ‌من ‌عبده أن يرفع إليه يديه ‌أن ‌يردهما ‌صفرا، فأكثري من دعائه أن يعينك على نفسك، وأن يرزقك شكر النعمة، وحسن العبادة، كما أرشدنا إلى ذلك رسول الله ﷺ.

لا تلتفتي إلى هذه الوساوس، استعيذي بالله كلما داهمتك، وانصرفي عنها، ولا تأبهي بها، ولا تبالي بها، وستزول عنك إذا ثبت على هذا الطريق.

جاهدي نفسك على إخلاص العمل لوجه الله، وأن تؤدي هذا العمل على شرع الله تعالى، أي: موافقا لما شرعه رسول الله ﷺ، تعلمي أحكام دينك، فإذا أديت العبادة على هذا النحو فإن الله تعالى يقبلها منك.

أحسني ظنك بالله، فإنه يقول سبحانه في الحديث القدسي: أنا عند ظن عبدي بي، والله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا، هكذا قال عن نفسه في كتابه الكريم: ﴿إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا﴾ [الكهف: 30].

نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يوفقك لكل خير، وأن يصرف عنا وعنك كل سوء ومكروه.

مواد ذات صلة

الاستشارات