السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي في حياتي إحدى قريباتي، تركز في تفاصيل حياتي بشكل كبير جدا منذ الصغر، ودائما تركز في ما آكل وأشرب، وتتابع مشترياتي ورياضتي، لدرجة أنها قامت بسرد تفصيل ما أتناوله خلال اليوم.
وهي منذ الصغر تتمنى أن تكون مكاني، وهذا أمر ذكرته بنفسها، ولما تقدم لي شخص قالت: "أخاف أن تتزوجي قبلي"! حتى أصبح الأمر الآن واضحا للأشخاص الذين حولنا.
سؤالي: هل من الممكن أن يسبب تركيزها هذا تعطيلا في حياتي؟ وماذا أفعل في هذا الشأن؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ليلى .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يصلح الأحوال.
لا شك أن التدخل في شؤون الآخرين أمر مزعج؛ ولذلك وجه النبي ﷺ المسلمين والمسلمات بقوله: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، والمتابعة المذكورة لحياتك وتفاصيلها أمر لا شك فيه إزعاج، ولكن أرجو أن توقني أن الكون ملك لله، وأنه لن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله.
فحافظي أولا على أذكار الصباح والمساء، وحصني نفسك بالأدعية، وقراءة المعوذتين، وسورة الفاتحة، وكذلك أيضا احرصي دائما على المواظبة على صلواتك وطاعتك لله تبارك وتعالى، هذا هو الأمر الأول.
الأمر الثاني: احرصي على أن تكون أمورك بالكتمان، فلا تجعلي حياتك مكشوفة بقدر الإمكان، يعني: "استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان، فإن صاحب النعمة محسود".
الأمر الثالث: أرجو ألا تعطي الموضوع أكبر من حجمه، فانطلقي في حياتك، وإذا تكلمت قريبتك بمثل هذا الكلام فذكريها أن هذا الأمر يقدره الله -تبارك وتعالى-، والمؤمن عليه أن يرضى بما يقدره الله، والإنسان ينبغي أن يرضى بكل ما يأتيه من الله من هبات وعطايا، ونسأل الله أن يجعلنا من الذين إذا أعطوا شكروا، وإذا ابتلوا صبروا، وإذا أذنبوا استغفروا.
الأمر الرابع: وهو ضرورة تقوية الإيمان عندك؛ لأن الإنسان ينبغي أن يوقن أنه {لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا}، واعلمي أن أهل الأرض لو اجتمعوا على أن ينفعوك لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا وخططوا وكادوا على أن يضروك لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك.
الأمر الخامس: حافظي على شعرة العلاقة بينك وبين هذه القريبة، وانطلقي في حياتك مستعينة بالله، متوكلة عليه، حريصة على ذكره وشكره -سبحانه وتعالى- واشغلي نفسك بالأمور المهمة، ونكرر دعوتنا لك إلى أن تجعلي أمورك –ما استطعت– في كتمان، فالإنسان لا ينبغي أن يظهر كل ما عنده من النعم وكل ما يحصل له، وإذا تكلم الناس بهذا قولي: "أرجو أن يقدر الله لنا ولكم الخير"، فالمؤمنة بسلامة قلبها تتمنى الخير لنفسها وتتمنى الخير للأخريات.
ونذكر بأن هذه الغيرة موجودة بين الأقارب، ونسأل الله أن يعيننا على تجاوز هذه المرارات من أجل أن نحافظ على واجب العلاقة، فقد تكون صلة رحم، أو علاقات قريبة جدا، لا بد أن يحصل اهتمام بها وتطويرها وتنميتها، والصبر على الطرف الذي يأتينا منه شيء من الأذى، رغبة فيما عند الله تبارك وتعالى.
أكرر مع يقيننا بقول الله تعالى: {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا}، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، وأن يعجل لك بالخير، وأن يرضيك بما يقدره الله -تبارك وتعالى- وأن يهدي تلك الأخت لتشتغل بنفسها وعيوبها، فطوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس، وطوبى لمن شغل نفسه بالمهمة التي خلق لأجلها، ونسأل الله لنا جميعا التوفيق والهداية.
هذا، وبالله التوفيق.