السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
زوجي لا يستطيع قول الغزل أو الكلام الذي يسعدني، تكاد تكون كلمتان أو ثلاث أثناء العلاقة، وقد حاولت كل هذه السنوات التكيف مع طبعه، لكني في بعض الأحيان أضعف، وقد أسمع مقطعا من أغنية أو مقطعا من مسلسل رومانسي، أو أستمع إلى شعر.
فهل علي ذنب لاستماعي للأغاني أو لمشاهدة مقاطع رومانسية أو للشعر؟ وإذا كان علي ذنب فهل يأثم زوجي أيضا بفعلي؟ لأني لا أريد أن يأثم بسببي، وما نصيحتكم لي لتعويض احتياجي للغزل والكلام الرومانسي؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا وأختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وهذا السؤال، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعين زوجك على تفهم احتياجك كأنثى، وما تحتاجينه أمر طبيعي، لكننا أحيانا نحتاج إلى أن نرفع ثقافتنا في هذا الجانب رجالا ونساء.
ولذلك إذا لم يبادر زوجك بإسماعك الكلمات الجميلة، فبادري أنت بإسماعه، وحاولي أن تتدربي معه على مثل هذا الكلام المعسول الجميل، فقد كان النبي ﷺ يدلل عائشة -رضي الله عنها-؛ فإذا هذا المعنى نحن بحاجة إلى أن نطور أنفسنا وثقافتنا فيه.
أما سماع الأغاني واستيراد الكلام المعسول والغزل؛ هذا لا ننصح به أبدا؛ لأن هذا أولا لا يجوز، والأمر الثاني: ما هو إلا كذب وخداع وإفساد، ومخالفة لشريعة الله تبارك وتعالى.
وأنا أريد أن أقول: كثير من الأزواج عندنا في عالمنا يحب زوجته، ويعبر عن حبه بالعطاء، ومثل هذا الزوج لو قلنا له: أنت لا تحب زوجتك، يقول: كيف لا أحبها وقد جئت لها بالذهب، وقد جئت لها بسيارة، وقد جئت لها بكذا؛ لأنه يعبر عن حبه بالعطاء.
ليت الرجال علموا أن الأنثى تحتاج إلى أن تسمع الكلام، فهي لا تستفيد من هذا الحب المكتوم، وهذا الأمر موجود حتى في الجانبين، لكنه في الرجال أظهر؛ فالمرأة قد تحب زوجها لكنها تقول: أخاف إذا أخبرته أن يكبر رأسه، وهو أيضا يحبها ويقول: أخاف أن تزيد في دلالها ودلعها، وهذا مخالف لما تقوم عليه الحياة الزوجية السليمة التي فيها التعبير عن المشاعر.
فنحن لا نستفيد من المشاعر المكتومة؛ ولذلك لا بد من تعبير لفظي، ومن جميل ما رزقنا الله هذه اللغة العربية التي فيها سعة كلمات، حتى إن المختصون عندما قارنوا اللغات وجدوا الكلمات الحلوة التي تعبر عن الحب ومرادفات هذه الكلمة ومعانيها، ووجدوا اللغة العربية هي أوسع اللغات في هذا المجال، فآلاف ومئات الكلمات يمكن أن يعبر بها الزوج عن حبه لزوجته، إضافة للحركات والإشارات والعطايا والهدايا، والمكافآت الاجتماعية.
لذلك الحب له لغات، نحن بحاجة إلى أن نتعلمها، وحتى نتعلم هذا، وحتى يدرب بعضنا بعضا على هذا، أرجو أن نتقيد بأحكام الشرع الذي شرفنا الله -تبارك وتعالى- به، وزوجك لا يأثم بما تفعلينه، وهو أيضا لا دخل له في المخالفات الشرعية التي ترتكبينها -لا قدر الله-، فكلنا سنرقى إلى الله أفرادا.
لكن أرجو أن توجهي زوجك بالتواصل معنا، والسؤال في هذا الاتجاه، وقدموا سؤالا مشتركا، حتى نعلمه، فنحن إخوانه من الرجال، فإن الرجل يتعلم من إخوانه، والنبي ﷺ ما استحى أن يقول عندما سئل أمام الرجال: من أحب الناس؟ قال: عائشة عليه صلاة الله وسلامه، ولست أدري من أين جاءنا هذا الجفاء، ونبي الله كان يعلن عن مشاعره، بل لما كان عنده رجل ومر رجل قال: أنا أحب هذا، قال: هل أعلمته؟ قال: لا، قال: فأعلمه، فانطلق فقال: إني أحبك في الله، فقال: أحبك الله الذي أحببتنا فيه.
فيجب على الزوجة أن تبرز ما عندها من حب لزوجها، وتسمعه الكلمات الجميلة، ومع طول هذه الممارسة منك سيعتاد الزوج، ولا مانع عندها من أن تطالبيه، وتقولي: "أنا قلت لك كلمات جميلة، أريد أن أسمع مثلها"، قد يضحك في الأول، وقد يستغرب، لكنه مع الزمن سيعتاد مثل هذه الكلمات.
وليته يتواصل معنا حتى نبين له أهمية هذا الجانب، وحاجة كل زوجة إلى أن تسمع الكلمات الجميلة، كلمات الغزل من زوجها، والسلف فهموا هذا، حتى تغزل علي -رضي الله عنه- بالسواك في فم الزهراء -رضي الله عنها وأرضاها- وقال: (ما فاز مني يا سواك سواك) يعني: كون السواك في هذا المكان، في فم زوجته وحبيبته، وهذا معنى من المعاني اللطيفة؛ فإن رسائل الغزل والرسائل التي تدخل السرور يمكن أن تصل بطرائق جميلة وكثيرة، وفي الأدب العربي العفيف أيضا معان جميلة يمكن أن يتعلمها الرجل ويتمثلها مع زوجته.
ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.