السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحيانا تظهر لي منشورات من أشخاص غير معروفين أو موثوقين في منصة (تيك توك) وغيرها، تقول: إن الشخصية المتعاطفة -أو كما يسمونها (empath)- هي شخصية حساسة وتشعر بالآخرين، وأن الجن والشياطين تستهدف هذه الشخصيات أكثر من غيرها؛ لأن فيها صفاء روحيا، وقلوبهم خالية من الحسد والغيرة، وهذا الأمر يزعج الجن.
فهل هذه الأمور صحيحة أم مجرد خزعبلات؟ وكيف أتفقه أكثر في مثل هذه الأمور؟ مع العلم أنني شخصية حساسة، وأعاني بشدة من العين والحسد والتعطيل.
أنا أتابع معالجة تعالج بالحجامة الجافة، والتدليك والحجامة العادية، وكلها بالقرآن والذكر، ومن هنا بدأت أدخل في هذه الأمور وأبحث عنها أكثر وأتعرف على شخصيتي أكثر، والتزمت بالأذكار والصلاة ولبست الحجاب الشرعي.
وقد أخبرتني المعالجة بالحجامة أنني أمتص طاقات غيري، ومن هناك عرفت أن هذه الشخصية موجودة، لكن بقيت لدي شكوك.
أرجو أن تفيدوني، وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سهيلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الفاضلة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يحفظك، وأن يرعاك.
أولا: الكلام المنتشر في بعض منصات التواصل عن أن الشخصية المتعاطفة شخصية ذات صفاء روحي خاص، وأن الجن -أو الشياطين- تستهدف تلك الشخصية أكثر من غيرها، كلام غير صحيح من الناحية الشرعية، وفيه خلط بين بعض المعتقدات غير المنضبطة وبين المشاعر الإنسانية الموجودة، والحديث عن شخص يتميز بحساسية عاطفية عالية، وسرعة تأثر بمشاعر الآخرين، وقوة في التعاطف، لا يدل على صفات غيبية أو شيء من هذا القبيل.
ثانيا: الجن والشياطين لا تستهدف الناس بناء على صفاء قلوبهم أو حساسيتهم بالمعنى المذكور، وإنما يكون تأثيرهم مرتبطا بضعف الإيمان، أو الغفلة عن الذكر، أو الوسوسة، مع أن كيد الشيطان ضعيف في الأصل، وقد قال الله تعالى: {إن كيد الشيطان كان ضعيفا}، وقال سبحانه: {إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلىٰ ربهم يتوكلون}، وقال سبحانه: {إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين}، فالعصمة والحفظ متعلقة بالإيمان والتوكل والذكر، لا بنوع الشخصية.
ثالثا: مفهوم (الطاقة) المتداول بمعنى الامتصاص والتفريغ والشحن ليس مفهوما شرعيا، ولم يرد في القرآن ولا في السنة، ولا في كلام السلف الصالح، وإنما هو مأخوذ من فلسفات غير إسلامية، والقرآن شفاء ورحمة، كما قال الله تعالى: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين} وقال تعالى: {قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء}، ولم يأت في النصوص وصف القرآن بأنه طاقة أو ذبذبات أو وسيلة امتصاص.
رابعا: العين والحسد حق ثابت شرعا، لكن لا يوجد دليل يدل على أن الأشخاص الحساسين نفسيا يصابون بالعين أكثر من غيرهم، والحساسية النفسية تجعل الإنسان أكثر انتباها للأعراض، وأكثر تأثرا بالتعب والقلق، وقد يفسر ما يمر به تفسيرا زائدا عن الحد.
خامسا: الحجامة علاج ثابت في السنة النبوية، والرقية بالقرآن والذكر مشروعة، لكن ينبغي الحذر من ربطهما بمفاهيم غير منضبطة، أو إعطاء المعالجين دورا في تفسير الحالة النفسية، أو الجزم بأسباب غيبية دون علم.
سادسا: التفقه الصحيح يكون بعرض كل ما يقال على القرآن والسنة، والرجوع إلى أهل العلم الموثوقين، والتمييز بين الجانب النفسي والجانب البدني والجانب الروحي، وعدم جمعها كلها في تفسير واحد.
سابعا: حساسيتك وتعاطفك لا تعني أنك مستهدفة، بل تعني أنك صاحبة قلب يقظ، وما التزمت به من ذكر وصلاة وحجاب هو الحفظ الحقيقي، وقد قال النبي ﷺ: احفظ الله يحفظك، وقال: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز.
وللتفقه في دين الله: ننصحك ببعض الأكاديميات العلمية لتتعلمي دينك، مثل أكاديمية زاد، وأكاديمية التعليم المفتوح للعلوم الشرعية، وكلها مواقع موثوقة ومجانية.
نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، والله الموفق.