أعيش مع زوجتي في علاقة شبه معدومة، فما النصيحة؟

0 0

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا متزوج منذ سنتين ونصف تقريبا، وربنا أكرمنا أنا وزوجتي بالحمل بعد شهر واحد من الزواج، ثم أنجبت ابنتي، وكانت حياتنا جميلة جدا، ولكن منذ أن ظهر اختبار الحمل إيجابيا -وحتى الآن- تكاد تكون العلاقة بيني وبين زوجتي شبه منقطعة، إلا في مرات قليلة جدا.

زوجتي دائما مجهدة ومتعبة، وأنا منذ اليوم الأول كنت أساعدها، وأوفر لها أفضل الطعام، وأخرج بها للتنزه، ولما ولدت كنت أنا بجوارها، أعد لها الطعام، وأسهر معها في الليل وقت انشغالها بالطفلة.

لكني بدأت ألاحظ أن البيت دائما في حالة فوضى شديدة، حتى أصبح الأمر مزعجا للغاية، فهي بصعوبة ترتب المنزل مرة، وهي نفسها تتضايق من ذلك لكنها غير قادرة على تغييره.

أما العلاقة الزوجية، فهي شبه معدومة، لا تحدث إلا مرة في الشهر أو مرة كل شهر ونصف، وأحيانا أكثر من ذلك، ولم تكن جاهزة في أي وقت مهما تحدثت معها بهدوء!

دائما شعرها غير مرتب، واهتمامها بنظافتها الشخصية متأثر جدا جدا، وأنا بطبيعتي لا أمانع أن تكون العلاقة يوميا، بل أحتاجها باستمرار، وقد أخبرتها أن هذا الأمر يؤذيني نفسيا جدا.

ومع الوقت بدأت أنظر إلى النساء في الخارج، وفتحت مواقع إباحية، لكنني شعرت بالاشمئزاز بعدها؛ لأنني أحسست أن الزواج لم يعوضني، ولم يساعدني على التغلب على شهوتي بالحلال.

كانت هناك فرص كثيرة عندما ينام الأطفال أو عندما أرسل ابنتي إلى حماتي، لكنها دائما تفضل أن تستغل الوقت في الراحة والنوم.

مع العلم أن هاتين السنتين كانت فترة صعبة جدا علي، فقد تركت عملي، وكنت أذاكر يوميا أكثر من 12 ساعة لأطور من نفسي، وأحصل على دخل أفضل، وأخبرتها أني ليس لي أصدقاء، ووقتي كله للبيت ولكم، وأني بحاجة إليها لتخفيف الضغط عني، لكن لم يحدث أي تغيير.

زوجتي إنسانة بسيطة، وهي طبيبة أيضا، تحدثت معها أمس، وأخبرتها أنني لم أعد أرغب بها جنسيا إطلاقا؛ لأنني في كل الأحوال لا أجدها، وقد جعلتني أكره النساء جميعا، في الداخل وفي الخارج، حتى المواقع الإباحية لم أعد أرغب فيها. لقد وصلت إلى مرحلة من -القرف-، رغم أنني اجتهدت كثيرا لأجعل البيت مستقرا نفسيا، وماديا، لكنني لم أعد أريد الاستمرار.

قلت لها: نفقتك وطلباتك ومسؤولياتي تجاهكم لن تنقص أبدا، لكني (انسدت نفسي منها ولا أريد منها شيئا) وتحدثت مع والدتها أكثر من مرة، وشرحت لها الأمر بكل الطرق، لكن لم يحدث أي تغيير.

أنا أعيش في بيت أشبه بالزريبة، بلا علاقة زوجية، رغم أنني أنفق، وأخرج، وأشتري الملابس، وأوفر أفضل الطعام. ما الحل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك.

دعنا نجيبك من خلال ما يلي -أخي الفاضل-:

أولا: ما تصفه ليس طبيعيا في الأمور العادية، خاصة في زواج مستمر لسنتين ونصف، وحتى مع وجود طفل، إلا أن يكون هناك عارض قوي كتعب أو حاجز نفسي، وهذا يتوجب عليك معرفته، والحديث الآمن معها والهادئ، فالذي يظهر من كلامك أن عندكم ثلاث مشكلات متداخلة:

• انقطاع شبه كامل في العلاقة الزوجية.
• إهمال شديد في البيت والنظافة والاعتناء بالنفس.
• إنهاك نفسي وجسدي مزمن عند الزوجة، يقابله كبت وضغط نفسي شديد عندك.
وهذا الوضع لو استمر سينتهي بأحد أمرين: إما انفصال صريح، أو استمرار شكلي مع خراب داخلي أخطر.

ثانيا: طلبك حق مشروع، وليس ترفا ولا مبالغة، والله تعالى يقول: ﴿وعاشروهن بالمعروف﴾، والمعروف يشمل المعاشرة الجنسية، إلا أننا لا ندرك على الحقيقة الحواجز المانعة حتى نحكم عليها؛ لذا لا بد من الجواب على هذا السؤال بحكمة وإنصاف: هل زوجتك متعمدة أم مريضة؟

فمن خلال وصفك، هناك احتمال قوي أن زوجتك تعاني من: اكتئاب ما بعد الولادة، أو اكتئاب مزمن، أو إرهاق نفسي شديد، أو احتراق وظيفي كونها طبيبة، أو اضطراب في الهرمونات، والدليل على ذلك: إهمال النظافة، وعدم القدرة على ترتيب البيت رغم التضايق من ذلك، والهروب للنوم عند أي فرصة، وبرود تام في الرغبة، وهذا لا يعد كسلا فقط، بل هو علامة مرض في كثير من الحالات.

ثالثا: أين الخلل الحقيقي؟
الخلل الأكبر ليس في التعب، بل في عدم الاعتراف بالمشكلة والسعي الجاد لعلاجها؛ فالتعب يعالج، والاكتئاب يعالج، وقلة الرغبة تعالج، لكن أن يمر أكثر من عامين دون علاج أو تغيير؛ فهذا غير مقبول شرعا، ولا إنسانيا.

رابعا: موقفك الحالي خطير نفسيا، فقولك: -أنك تنصرف عنها ولم تعد ترغب فيها-، هذا إنذار داخلي، وليس حلا؛ لأنك لو أغلقت باب الرغبة، فإنك إما أن تفتح أبوابا أخرى لاحقا، أو يتحول زواجك إلى علاقة باردة مليئة بالمرارة.

خامسا: الحلول الواقعية تكمن في خطوات، خطوة خطوة:
• الخطوة الأولى: تشخيص طبي ونفسي إجباري لا نقاش فيه.
• الخطوة الثانية: تنظيم الحياة لا انتظار المزاج؛ بحيث تضع نظاما واضحا للحياة اليومية، يشمل الاستعانة بمساعدة منزلية، ولو مرة واحدة في الأسبوع، وتوزيع المهام بينكما بشكل منصف؛ بحيث تتحمل هي مسؤوليات البيت، بينما تتحمل أنت مسؤوليات البيت والخارج، مع الاتفاق على روتين محدد للنوم والاستيقاظ يلتزم به الطرفان.
• الخطوة الثالثة: إعادة تعريف العلاقة؛ فالعلاقة لا تنتظر الاستعداد الكامل، بل تبدأ بقرب جسدي، وبكلام لطيف، وبلمسات حانية، وبمبادرة تدريجية، ولو استحال الأمر فالعلاج موجود.
• الخطوة الرابعة: مصارحة حازمة أخيرة، وذلك بعقد جلسة هادئة بينكما تقول فيها بوضوح: "أنا لا أطلب رفاهية، أنا أطلب حقي، إما علاج وتغيير حقيقي، أو سأعيد التفكير في استمرار هذا الزواج" دون تهديد، ودون صراخ، ولكن بنبرة فيها حزم.

سادسا: هل الطلاق حل؟
لا، الطلاق ليس أول حل، لكنه آخر حل مشروع إذا استنفدت الوسائل، وقد قال الله تعالى: ﴿فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان﴾.

وختاما: العلاج موجود، والحل ممكن، لكن الاستمرار بلا تغيير سيدمرك ببطء.

نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات