السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أريد حكما شرعيا في وضعيتي، جزاكم الله خيرا.
اكتشفت بعد الزواج أن زوجتي تعاني من مرض "التشنج المهبلي اللاإرادي" الذي منع العلاقة الحميمة لمدة أربع سنوات، وقد بحثنا عن العلاج حتى تحسنت الحالة، وحملت زوجتي، لكن الحمل كان عسيرا ولم يكتمل؛ مما أدى إلى فقدان الجنين وإصابة زوجتي بمرض "الأتاكسيا" الذي أفقدها القدرة على التوازن، وجعلها طريحة الفراش لمدة أربع سنوات أخرى، فخلال السنوات الأربع تلك كانت زوجتي تعيش بنظام تناوبي؛ فهي تمكث شهرا عندي في منزل والدي، (حيث أرعاها أنا ووالدتي أثناء عملي طوال اليوم)، وشهرا أو شهرين عند أهلها، أي تقاسمنا رعايتها.
ونظرا لظروف الرعاية الصعبة، وطول مدة المرض (ثماني سنوات)، والتقدم في العمر دون ذرية؛ تزوجت بزوجة ثانية، وأسكنتها في سكن منفصل، -والحمد لله- كانت تساعد والدتي في رعاية زوجتي الأولى، خاصة في شأن المأكل.
وزوجتي الأولى تستخدم كرسيا متحركا للقيام ببعض احتياجاتها الأساسية، وفي الفترة الأخيرة، أصبحت تطالب بسكن منفصل خاص بها (أسوة بالزوجة الثانية)، وتريد خادمة لرعايتها، كما ترغب في إعادة الحمل رغم خطورته على صحتها، وتهدد بالطلاق إذا لم أستجب لمطالبها؛ باعتبار ذلك من "العدل بين الزوجات".
أرغب في معرفة الحكم الشرعي لهذه الوضعية، وما النصيحة التي تقدمونها لي في هذا الموقف؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ شعيب حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أيها الأخ الفاضل- في الموقع، ونشكر لك اهتمامك بأمر الزوجة الأولى وصبرك عليها، ونشكر لوالدتك ولزوجتك الثانية ما قامتا به تجاهها، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعجل بشفائها، وأن يؤلف بين القلوب، وأن يغفر الزلات والذنوب، وأن يستخدمنا في طاعته، وأن يجعلنا جميعا ممن إذا أعطوا شكروا، وإذا ابتلوا صبروا، وإذا أذنبوا استغفروا، وأن يعين الزوجات على تفهم هذه الأمور، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعينكم على الخير.
لا شك أن هذه المسألة تقوم أولا على دراسة الرأي الطبي؛ ونقصد بذلك حال حمل هذه الزوجة ومدى الخطورة وفرص إمكانات النجاح، وللموضوع أيضا علاقة بالوضع المالي بالنسبة لك، وإمكانية تحقيق الخصوصية لها في المنزل.
وكنا نود أن نسأل: هل مسألة العلاقة يمكن القيام بها أيضا؟ لأن العدل بين الزوجات يكون في المبيت، أما العلاقة فلها أبعاد أخرى، منها: مهارة كل زوجة في تهيئة نفسها، وإمكانية إقامة العلاقة؛ وهذا له ارتباط بمسألة العدل من الناحية الشرعية.
فالإجابة الكاملة تحتاج إلى بعض التوضيحات التي يجب أن نكون على علم بها، ولكن على كل حال: هذه الأمور إنما تكون بالتشاور بعد أخذ الأسباب والأحوال والظروف الممكنة لإنجاب الأطفال في الاعتبار.
إذن: لا بد أن تنظر للموضوع نظرة شاملة، وحاول أن تكون إيجابيا معها؛ تلبي رغبتها إذا كان ذلك ممكنا من الناحية الطبية والنفسية والمالية، فهذه الأمور لا بد أن ينظر إليها من كافة جوانبها.
ولا نؤيد سرعة الاستجابة لها إذا طلبت الطلاق، خاصة بعد هذه الخدمات الكبيرة التي نسأل الله أن يكتب أجركم عليها، وأن يعينكم على الخير.
وإذا كان هناك مجال لأن تكتب الزوجة الأشياء التي دفعتها لهذا الطلب، والتي جعلتها تطلب أن تكون في سكن منفصل، وأن تعود لمحاولات الإنجاب مرة ثانية؛ فكل هذا من الأمور التي تساعدنا على الوصول إلى إجابة واضحة وحاسمة في هذه المسألة.
وحتى يحصل ذلك، نحن ندعوك إلى العدل في المبيت، وبالطبع في القسمة وفي الأمور المادية، أما العدل في العلاقة الخاصة فقد لا يملكه الإنسان؛ إذ قد تكون زوجة لديها قدرة على أن تتهيأ ولديها استعداد أكثر من الأخرى، لكن العدل في الأمور المادية، والعدل في الأمور الظاهرة، والعدل في الاهتمام؛ هذه أمور أرجو أن تستمر عليها، وعلى العدل والخير الذي كنت عليه.
وتشكر الزوجة الثانية، ونتمنى أن تستمر في خدماتها لأختها في ظرف مرضها هذا، وكذلك الوالدة تشكر على ما قامت به، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعينكم على الوصول إلى الخيار الأفضل والأفيد والذي فيه المصلحة، وما نوصي به هو أن تدار الأمور بمنتهى الهدوء.
وأيضا مسألة الإنجاب هي مسألة يتفق عليها الزوج والزوجة، وأرجو أن يعطي الأطباء انطباعا كاملا عن وضع الجنين ووضع الزوجة ومستقبل الحمل؛ فهذه كلها أمور لا بد أن توضع في الاعتبار، ونرحب بأي تفاصيل تساعدنا في وضع حلول واضحة لهذا الأمر.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، وبارك الله فيكم.