طفلي شديد العناد وعنيف في التعامل، فكيف أوجهه؟

0 0

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا أم وطبيبة، تركت طفلي في عمر 6 أشهر للعمل، وكان يجلس مع الأهل، أثر ذلك بشكل واضح على سلوكه، وللأسف لم أنتبه إلا بعد أن أتم السنتين، فتركت العمل، عمره الآن 4 سنوات، وبعد معاناة سنتين في محاولة إصلاحه لم أنجح.

- شديد العناد والتمسك برأيه، حتى بعد النقاش والحوار، وإذا لم يحدث ما يريد يغضب ويبكي كثيرا.

- عنيف في التعامل مع أصدقائه حتى أثناء اللعب؛ يضرب ويدفع، ويعتقد أن هذا لعب.

- أثناء الخصومة أو الحزن يبدأ بالسب والكلام السيئ.

- مفرط الحساسية؛ يبكي لأقل شيء مثل الانتقاد، وإذا خسر في لعبة.

- يبكي وهو نائم، ويتحدث بكلام مثل: "اتركني، لا أريدك".

مع العلم أنني حاليا معه في المنزل ولا أتركه، وأحاول إصلاحه بالنقاش والثواب والعقاب، نحفظ القرآن سويا، وأحكي له قصص الأنبياء للتعلم والاستفادة، وهو ذكي، يفهم القصص والنصح، وأتفاجأ به يوجهني إذا أخطأت ويذكرني بالقصة، وهو أيضا حنون، يحزن على حزن أصدقائه ويحبهم كثيرا.

يسألني بشكل متكرر: "هل تحبيني؟" مع أنني أذكره دائما بحبي له، لكن شعوره بالخطأ والتقصير يدفعه لسؤالي، أشعر بندم شديد على عملي، وأني ضيعت عليه أهم سنتين من حياته معي، أريد الإصلاح والتأكد من سلامة نفسه وقلبه.

ومع العلم أن عناده وعنفه مع الآخرين يدفعني أحيانا للخروج عن شعوري، فأصرخ مع العقاب، لكنه يقابل ذلك بمزيد من العناد والخصام، أندم على هذا، وأحاول إصلاح نفسي والهدوء لكي أستطيع إصلاحه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ م . ع حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أختنا الفاضلة- في إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال.

أختي الفاضلة: سأبدأ من الأخير:
لا أرى أن هناك حاجة إلى هذا الندم الشديد الذي يتعبك، فأنت لم تقصري معه، ولا أرى أن ما ورد في النقاط الخمس من تصرفات ابنك هذا –حفظه الله– له علاقة كل العلاقة بأنك تركته في السنتين الأوليين مع أهلك، فأنت لم تهمليه في هذا، فإذا تعذر عادة أن تقوم الأم برعاية طفلها لسبب ما –مهما كان هذا السبب–، وأوكلت رعايته إلى ناس يقدمون له الرعاية المطلوبة؛ فليس في هذا أمرا معيبا، أو خطأ كبيرا يجعلك تشعرين بهذا الندم، حتى أنك توقفت عن العمل وأنت الطبيبة!

لا، لا يا أختي الفاضلة، أرجو أن تعيدي النظر في هذا، فمعظم النقاط الخمس التي ذكرتها من عناد ابنك وتمسكه برأيه لا أرى فيها أمرا سلبيا، بل بالعكس، أنا أخشى من الطفل الذي لا يتمسك برأيه، وليس عنده شيء من العناد؛ فهذا الطفل الذي ليس عنده هذا قد يكون عرضة لتأثير رفقاء السوء، بينما ابنك –من خلال هاتين الصفتين– قد يكون من الناجحين في الحياة، وقد يصل إلى مناصب عليا في مهنة ما، فلا تخشي من هذا.

أما قضية عنفه في تعامله مع أصدقائه وضربه لهم؛ فهذا أمر شائع عند كثير من الأبناء، بالرغم من أن أمهاتهم لم يتركوهم في السنوات الأولى، بينما هو أمر معتاد طبيعي، حتى حزنه أثناء الخصومة، ولجوؤه إلى السب والكلام السيئ، نعم هذا أمر علينا أن نصححه، ولكن ليس مستغربا، ولا أرى أنه مرتبط بشكل مباشر بعدم تواجدك معه في السنتين الأوليين.

أما النقطة الرابعة والخامسة من فرط الحساسية، أنه يبكي لأقل سبب، ويتحدث أثناء نومه، وحتى سؤاله لك إن كنت تحبينه؛ فهذا أيضا لا أراه نتيجة طبيعية للسنتين الأوليين عندما كان مع الأهل.

فأرجو من كلامي هذا أن يخفف عنك هذا اللوم، وهنا أنصحك –كزميلة لنا طبيبة وأم– أن تفكري بالعودة إلى عملك، خاصة أنه أصبح في الرابعة من عمره، فبدلا من أن تبقي طوال الوقت في رعايته الزائدة، فلا أريد أن ننتقل من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال؛ بمعنى أن نتركه مع الأهل كليا، ثم الآن أن تعودي (تحبسي نفسك معه) محاولة إصلاحه.

أختي الفاضلة: أهم أمرين يمكنك أن تقومي بهما:
أولا: تقديم الرعاية العاطفية والنفسية، وهذا أنت لست مقصرة فيه.
ثانيا: وضع ضوابط لسلوكه؛ ما هو مقبول وما هو غير مقبول في بيتكم.

الطفل ينشأ وعنده شعور بالمسؤولية عندما يتلقى هذين الأمرين: الحنان والرعاية العاطفية، ولكن في الوقت نفسه الضوابط والحزم، والحزم هنا لا يعني العنف، وإنما يعني وضوح الضوابط التي تريدينها في بيتكم، ومنها ساعات النوم؛ أن يكون عند هذا الطفل –خاصة في الرابعة من عمره– أن يكون عنده وقت محدد للنوم، لا أن يعيش بلا ضوابط ولا حدود.

من خلال هذا يمكنك أن تصلحي وتعيني نفسك في الوقت نفسه.

أخيرا: أنصحك بالاطلاع على بعض كتب مهارات تربية الأطفال، فهناك مهارات كثيرة يضيق الوقت عن شرحها كلها هنا، ولكن يفيد الاطلاع على بعض الكتب، ومنها –إن سمحت لي– كتاب "أولادنا من الطفولة إلى الشباب" والكتب كثيرة.

أدعو الله تعالى لأسرتكم بتمام الصحة والعافية وراحة البال، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مواد ذات صلة

الاستشارات