السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله خيرا وأعانكم.
أنا امرأة متزوجة، ولي طفلان في السادسة والثالثة من العمر. تزوجت خلال دراستي بكلية الصيدلة، ورزقني الله بطفلي خلال سنوات الدراسة، وتخرجت بحمد الله بامتياز مع مرتبة الشرف، وكان أهلي وزوجي خير عون لي.
قبلت في وظيفة منذ عام وثلاثة أشهر في القطاع الحكومي (وهي وظيفة يعد القبول فيها صعبا في البلد الذي أعيش فيه) كان العام الأول فترة تدريب، وكان فيه القليل من (الخفارات) - أي: دوام يوم الجمعة أو السبت، فترة صباحية، أو فترة العصر حتى التاسعة مساء-، وعند انتهاء فترة التدريب، نقلت إلى مستشفى آخر يبعد قليلا، مسافة نصف ساعة بالسيارة، وزادت (خفاراتي)؛ حيث أصبحت مرتين شهريا، مع دوام تكميلي بعد دوامي الاعتيادي يستمر أربع ساعات، وذلك أربع مرات شهريا.
مع هذه التغيرات تغيرت فكرة زوجي كثيرا عن العمل، وبدأ يصر على الاستقالة، علما أنني أشارك بشكل كبير في مصاريف المنزل، لكن أغلب المشاركات بطريقة لا يشعر بها حتى لا أشعره بالحرج؛ فلا أطلب منه مالا لي أو للأطفال إلا ما يعطيني، وأكمل النقص من عندي من غير أن أخبره بذلك، وقرار الاستقالة يعني تغييرا واضحا في وضعنا المادي.
فصارحت زوجي بذلك، وذكرت له أنني أشارك، وأن الحياة اليوم تحتاج إلى أكثر من دخل، وأن العمل أغلبه مع النساء، وفي بيئة مريحة، فلم نصل إلى قرار متفق عليه، وبدأ أسلوبه يتغير إلى العصبية والاتهامات، وغير ذلك مما لم أكن معتادة عليه منه.
وحصل (قدرا) أن أبي شارك في عقار قريب من عملي الجديد؛ مما سيقلل كثيرا من الطريق علي، خصوصا أنني أنا من يوصل الأطفال إلى المدارس صباحا، والآن نحن نسكن حاليا بجانب والدي بالإيجار، فكان اقتراح أبي أن ننتقل معا، لكن زوجي يرفض هذه الفكرة، مبررا أننا تعودنا على هذه المنطقة التي نسكن فيها، وأن فيها خدمات أكثر.
لا أدري هل أقدم استقالتي فعلا وأترك له تدبير الأمور المالية، مع العلم أن دخلنا سينخفض إلى النصف تقريبا، وهو الآن يعاني من آلام مزمنة في ظهره، أم أواصل محاولة إقناعه بالاستمرار في عملي؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلكى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونحيي تجربتك في الزواج أثناء الدراسة، ونهنئك على الدرجات العليا، مرتبة الشرف التي فزت بها، وشكرا لك على الاعتراف بفضل الزوج والأهل في إعانتك على النجاح، ونهنئك أيضا بالوظيفة النادرة التي حصلت عليها.
والذي نميل إليه هو الاستمرار في إقناع الزوج، طالما أن أمور الأطفال مقدور عليها، وأعتقد أن من عاونوك على إكمال الدراسة يستطيعون أن يعاونوك الآن في رعاية هؤلاء الصغار، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعينك على الاستمرار والاستقرار.
وإذا كانت ظروف الزوج كما أشرت، والوضع المالي كما ذكرت؛ فليس من المصلحة الاستعجال في فقدان الوظيفة، لكن أرجو أن يكون هناك تعاون بين جميع الأطراف في تقاسم الأدوار، والتعاون على خدمة هؤلاء الصغار، وأعتقد أنهم أيضا سيدخلون إلى مرحلة الدراسة، وسيكون معظم الوقت مشغولين، كما أنتم في نفس الوقت في أعمالكم، وبالتالي المسألة تحتاج إلى إعادة ترتيب لبعض الأمور.
ونؤيد أيضا فكرة الانتقال مع الوالد لتجدي مزيدا من الخدمات؛ مما يسهل عليك مهمة رعاية الأبناء؛ فالوالدان -أجداد هؤلاء الأبناء من الطرفين- لهم دور كبير بلا شك في حسن الرعاية لهؤلاء الأبناء.
إذا: نحن نميل إلى عدم الاستعجال في ترك الوظيفة، مع أهمية التفاهم بهدوء مع الزوج، ومعرفة أسباب طلبه هذا:
السؤال الأول: هل ظهر خلل أو نقص في احتياجاته كزوج، أو في احتياجات الأطفال بعد هذا العمل وحسب ظروف العمل التي أشرت إليها؟
السؤال الثاني: هل بالإمكان أن يحصل تعديل لظروف العمل منك أو منه؟
السؤال الثالث: هل هناك من يستطيع أن يعاون، كجدتهم من ناحية الأب أو من ناحية الأم أو أحد الأخوات؟ هل يمكنهم أن يساعدوا ويساهموا في رعاية هؤلاء الصغار إذا حصلت فترات تكونين أنت فيها غائبة ووالدهم أيضا غائب؟
عموما: نحن نكرر رغبتنا في ألا تستعجلي في ترك الوظيفة، وتحرصي على التفاهم مع الزوج بهدوء، وتذهبوا إلى خيارات أخرى تسهل عليكم هذه المهام.
المهم: الإنسان عندما يشاور وتدار الأمور بحوار هادئ، ونتسلح بالصبر والمشاعر النبيلة الطيبة؛ فإننا سنصل بتوفيق من الله -تبارك وتعالى- إلى ما فيه المصلحة، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد والثبات، وأن يؤلف القلوب، وأن يغفر الزلات والذنوب.