السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بفضل الله تمت خطبتي، وخلال فترة الخطوبة حصل اختلاف بيني وبين خطيبي بخصوص الفرح (العرس)؛ إذ إنني أرغب أن يكون إسلاميا، أو إن لم يتم ذلك فنلغي القاعة.
في بداية الخطوبة لم يكن يعطيني ردا صريحا، لكن لاحقا أوضح لي أسبابه، وقال إنه سيكون مضغوطا لو فعل ذلك، مع أنه لا يمانع الفكرة نفسها، لكنه يعتقد أن الفرح الإسلامي ليس فرحا! فقد حضر أفراحا إسلامية لم يكن الرجال فيها يقومون بأي نشاط، فكون عنده اعتقادا أو فكرة أن هذا لا يعد فرحا.
أنا الآن لا أعرف ماذا أفعل، هل أفسخ الخطبة؟ علما أنني ارتضيت خلقه ودينه، لكن نقطة النزاع هي الفرح، فهل لو أقيمت القاعة وكانت مختلطة، ولم أضع أي مكياج على بشرتي، وكنت باللباس الشرعي، وإذا استطعت أن أغير نمط الأغاني، هل أكون آثمة؟
أهل خطيبي في هذا الموضوع يرغبون بالفرح العادي، لكن لو قرر خطيبي أن يكون إسلاميا فلن يعترض أحد، لأنهم يحترمونه، وكذلك أهلي، فالقرار إن تغير يجب أن يكون من عند خطيبي.
جزاكم الله كل الخير، وأرجو أن أكون قد استطعت توضيح الاستشارة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ mai حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أيتها الأخت الفاضلة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك فيك وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان.
دعينا نجيبك -أيتها الفاضلة- من خلال ما يلي:
أولا: أصل المسألة وأهميتها، أنك ارتضيت الخاطب دينا وخلقا، وهذه نعمة عظيمة، وقد قال النبي ﷺ: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض، وهذا يعني أن أرضية الاتفاق -إن شاء الله- ستكون قائمة.
ثانيا: حكم الفرح وضوابطه الأصل فيه أنه مباح، بل يستحب إعلان النكاح بمثل هذه الأمور المبهجة، وقد ثبت أن النبي ﷺ قال: أعلنوا هذا النكاح، واضربوا عليه بالدفوف، المهم أن يكون بالضوابط الشرعية، فلا يخفى أن المحرم لا يصير مباحا لأنه فرح.
ومن أبرز المحاذير الشرعية في كثير من الأفراح المختلطة:
• الاختلاط المثير بين الرجال والنساء.
• الموسيقى والغناء المحرم.
• التبرج ولو مع الحجاب بسبب الأضواء، والنظر، والتصوير.
• نظر الرجال إلى العروس ولو كانت محتشمة، وقد قال الله تعالى: ﴿ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولىٰ﴾، وقال: ﴿قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم﴾، وقال: ﴿وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن﴾، فالنظر هنا يشمل نظر الرجال إلى النساء، ونظر النساء إلى الرجال في مواضع الفتنة.
ثالثا: سؤالك عن الإثم في حال القاعة المختلطة مع الالتزام بالحجاب، وقولك: "سأكون باللباس الشرعي ولن أضع مكياجا"، نقول: نيتك طيبة، لكن النية الحسنة لا تبيح المحرم، فإذا كان الفرح مختلطا، وفيه نظر الرجال إليك، أو موسيقى محرمة؛ فالإثم واقع.
رابعا: ماذا تفعلين عمليا؟ ننصحك بالآتي، بترتيب هادئ:
• جلسة صريحة مع الخطيب.
• اشرحي له بهدوء أن المسألة ليست تشددا، بل هي خوف من الإثم.
• وأنك لا ترفضين الفرح، بل ترفضين الحرام.
• اقترحي عليه حلولا وسطا، مثل: قاعتين منفصلتين، أو وقتين منفصلين، أو قاعة واحدة بها حواجز تفصل النساء عن الرجال، أو فرح عائلي بلا تصوير ولا اختلاط.
• عليك ساعتها أن تستشيري أهلك في كل ذلك حتى يكونوا على معرفة بما تفعلين.
• ثم الاستخارة، فقد قال ﷺ: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة.
نسأل الله أن يشرح صدرك للحق، وأن يختار لك الخير، وأن يجمع بينكما على طاعته، والله الموفق.