السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو أن تعتبروني كأخ، أو ابن لكم، وتشعروا بالمعاناة التي أشعر بها، أنا –ولله الحمد– أسعى دوما لإرضاء الله، وأحرص على الصلاة في جماعة، وأتلو القرآن، وأحفظه يوميا، وآخذ بالأسباب، وأقرأ الأذكار، ولكن مهما حدث لا تنفك عني الأفكار الجنسية عند النوم؛ تذهب لفترات ثم تعود، وأنا على هذا الحال منذ أكثر من عامين.
أذهب للنوم وأنا مراهق، فتأتيني تلك الأفكار وأنغمس بها، وأنا والله أكرهها، وأعلم أن الانغماس فيها معصية، ولكن ما الحل؟ فأنا حزين جدا، ولا أدري ما الحل، أفتوني في هذه المسألة إذا تكرمتم، فقد ضاقت بي السبل.
آمر الناس بالمعروف وأنهى عن المنكر، وحين يمن الله علي بالراحة تأتيني تلك الأفكار، فأشعر وكأني أنافق الناس أو أرائيهم، رغم أني أعلم أنها من الشيطان، لكن من شدة ضيقي وحزني وصلت إلى هذه الحالة، فأرجو منكم المساعدة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حمزة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أولا: ابننا الكريم، بدون أن تطلب مني أن أعتبرك كأخ، أو ابن، فأنت في مقامي أحد أبنائي، وأستشعر معاناتك التي تعيشها، وأحيي فيك هذه الصفات الطيبة، من سعيك دوما لإرضاء الله، فإنها والله المنقبة الكبرى، مع محافظتك على الصلاة، وقراءة القرآن، وحفظك لبعض سور القرآن الكريم، ومحافظتك على الأذكار، فهذا أمر عظيم فعله، كبير أجره، فلله درك.
ثانيا: خواطر النفس ليس لها حدود، وكوامن النفوس لا يعلم بها إلا الذي خلقها سبحانه وتعالى، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم قد أخبرنا بأمر هو الحل في هذه الخواطر النفسية، ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول صلى الله وسلم: (إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تتكلم به)، أخرجه مسلم. فهذه الأمور التي تعتريك، وتخاف منها، هي أمور من طبيعة البشر؛ فالإنسان ضعيف، وما دامت هذه الخواطر لا تخرج عن حديث النفس فلا تضر، وينبغي قطعها ومدافعتها، وعدم الاسترسال معها، ولا سيما ما يتعلق بوسوسة الشيطان في إثارة الشهوة الكامنة في النفس البشرية.
ثالثا: هذه الأفكار الجنسية التي تعتريك لست وحدك في هذا الطريق؛ فإن طبيعة البشر، ومرحلة العمر التي تمر بها مع وجود فتن هذا الزمن؛ كل ذلك يجعلك تفكر في هذه الأفكار، فهذه طبيعة الإنسان، فحاول أن تحسن التصرف مع هذه الأفكار واقطعها، ولا تسترسل فيها، وأشغل وقتك، واهتم بدراستك حتى يكون لك وظيفة تستطيع أن تتزوج من خلالها؛ لأن الزواج هو الحصن الأعظم كما في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء -أي وقاية-) متفق عليه.
وحتى لو وقعت في هذه الأفكار، وانغمست فيها فتوضأ وصل ركعتين، وجدد التوبة إلى الله سبحانه وتعالى، وادع الله تعالى أن يحصن فرجك، ويحفظ بصرك، وإياك أن تترك نصح الناس حسب استطاعتك بالحكمة وبالتي هي أحسن، ولو وقعت في بعض هذه الأمور من الأفكار الجنسية الشهوانية؛ فإن ذلك لا يمنعك من النصح للناس، ولعل الله تعالى أن يفتح عليك أبواب الخير، ويرزقك الزوجة الصالحة التي تكون سببا في عفتك، وقربك من الله تعالى.
رابعا: عليك ببعض الحلول والأسباب التي تبعدك عن هذه الأفكار المتعلقة بالجنس والشهوة، وهي كالآتي:
1- اجعل هذه العبارة نصب عينيك: "يا عبدي أجعلتني أهون الناظرين إليك".
2- أشغل نفسك بالخير والرياضة، وصحبة الأخيار من الشباب الصالح، ولا سيما الأقارب، فأشغل نفسك بالنافع المفيد.
3- لا تنم إلا وأنت محتاج إلى النوم.
4- لا تنفرد بالجهاز الذي يوصلك إلى ما يثير الغريزة، ولا تغلق بابا مفتوحا، واجعل الشاشات في مكان عام في البيت كالصالة.
5- تزوج فإن الزواج من أعظم ما يعين على العفاف والاستعفاف، وإن كان يصعب عليك بسبب عمرك الحالي؛ فتجهز للزواج بالاهتمام بنفسك وصحتك، ورجولتك ودراستك، وتصبر؛ فإن من يتصبر يصبره الله، واعلم أنك في أوج شبابك، وكثير من الشباب يعاني مما تعاني منه، فاثبت ثبتك الله، وأر الله من نفسك خيرا، واستمر في أمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر؛ ولا تلتفت لوساوس الشيطان الذي يريد أن يثبطك ويحزنك.
وفي الأخير: أسال الله أن يبعد عنك هذه الأفكار، وأن يرزقك الزوجة الصالحة التي تعينك على العفاف والسعادة في الدارين.