السؤال
السلام عليكم.
أنا امرأة، عمري 43 سنة، متزوجة منذ 3 سنوات، وأعمل موظفة أنا وزوجي، ومسؤولة عن متطلبات المعيشة، والمسؤوليات المادية كاملة لوحدي، وأسعى باقي اليوم في البحث عن أبواب رزق عن طريق العمل على الإنترنت، بل وأحرص على عدم إضاعة الوقت هباء حرصا على السعي لجلب الرزق.
أصبح فكري منشغلا دائما بالمسؤولية، وبالماديات، وبجلب الرزق؛ حيث إن لدي ابنا يتيم الأب، وأنا المسؤولة عنه أيضا، بينما زوجي يعمل أيضا، لكنه لأن له أبناء من امرأة أخرى، فإنه يخصص راتبه نفقة لهم، كما يسدد ديونه، وأحيانا يساهم بمبلغ قليل، ولكن الاعتماد الكلي والأساسي على راتبي الضعيف، الذي لا يكفي متطلبات المعيشة الأساسية، ولا متطلبات ابني، وبناء على ذلك أصبحت أغلب الأوقات متعبة جدا، ومنهكة نفسيا وجسديا من كثرة التفكير، وأصبحت عصبية جدا مع الأصحاب والأقارب، وليس لدي طاقة لكي أتحملهم.
كما ظهر لدي أعراض نقص فيتامينات؛ مما زاد مشكلة التعب أكثر، وبناء عليه زوجي متضرر مني؛ لأنني لا أستطيع أن أتجاوب معه في كل مرة عند طلبه للعلاقة؛ لأنني منهكة فكريا وجسديا طول الوقت، وهو يطلبني للعلاقة مرتين، وأحيانا ثلاث مرات في الأسبوع، ولكن مع ظروف تعبي أصبحت أستجيب لطلبه مرة واحدة بالأسبوع.
تشاجر معي بأنني مقصرة في العلاقة معه، فوضحت له أن هذا بسبب الظروف المحيطة بي، وأنني في وضع غير طبيعي أدى إلى استنزافي طول الوقت، وطلبت منه أن يشعر بمعاناتي، وأن يراعي تعبي طول الوقت، لكنه غير متفهم، ويرى أنه يجب على أن أستجيب له في كل مرة، وأن هذا ليس مبررا.
أريد أن أعرف رأي الشرع والدين في هذه المشكلة، علما بأنني سوف أعرض عليه ردكم الكريم على المشكلة.
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أختنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب.
أولا: نسأل الله -سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى- أن يكفيك همك، ويقضي حاجاتك، ونوصيك باللجوء إلى الله تعالى بصدق واضطرار، والإكثار من دعائه جل شأنه بأن يسهل رزقك، ويكفيك بحلاله عن حرامه.
وهذه الحياة –أيتها الأخت الكريمة– مملوءة بالأكدار والمنغصات، فهذه طبيعتها التي جبلها الله تعالى عليها، والإنسان لا حيلة له إلا أن يصبر، ويحاول التعامل مع هذه الأحداث بما يخفف المعاناة والأحزان.
ولهذا: نحن ننصحك بأن تحاولي الاستجابة لزوجك بقدر استطاعتك، وأن تعتبري هذه الاستجابة، وسعيك لإعفاف زوجك من جملة المهام والأعمال التي تقومين بها، وبهذا ستدوم المودة بينكما، وسيحل التعاون محل التنافر، والتواصل والتفاهم محل التخاصم والتقاطع والتدابر.
حاولي قدر استطاعتك أن تحققي هذا، ولو ضغطت على نفسك في بعض الأحيان، هذا كله نقوله على جهة النصيحة في بيان ما هو الأولى والأفضل أن تفعليه، وليس من حيث بيان الأحكام الشرعية، وبيان الحقوق.
فالذي فهمناه من سؤالك أنك تنفقين على يتيم من غير هذا الزوج –طبعا لأنه يتيم كما ذكرت–، وتنفقين أيضا على نفسك، وعلى زوجك، فإذا كان الأمر هكذا، فنقول: هذا فيه تحميل لك ما لا يلزمك؛ فأنت باعتبارك زوجة فإنه يجب على الزوج أن ينفق عليك، وصحيح أنه لا يجب عليه أن ينفق على ولدك، ولكن يجب عليه أن ينفق عليك أنت، فنفقاتك واجبة عليه، فإذا عجز عن ذلك، أو وقع منه التقصير، فينبغي أن يتسامح في الحقوق التي تنقص من قبلك، ويتفهم هذا.
فالواجب عليك أنت أن تجيبيه إلى فراشه ما دمت قادرة على ذلك، وليس في ذلك ضرر عليك، وهذا الاستمتاع يقابله حقوق، ومنها حقوق النفقة، والسكنى، فإذا قصر في أداء الواجبات التي عليه، فينبغي أن يعلم أن هذا مسبب لنقص الحقوق التي له، فإن الحياة الزوجية قائمة على الحقوق والواجبات، والله تعالى قد ذم المطففين {الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون * وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون}، وينبغي أن يعلم الزوج بهذه الحقوق والواجبات.
واستجابة المرأة لزوجها للفراش أمر واجب في الأصل، ولكنه أيضا مع وجوبه إنما يجب بحيث لا يضر بها، وإن كان الزوج قائما بجميع واجباته، فاستجابتها مشروطة بأن لا يكون عليها ضرر في ذلك.
فإذا علم الزوج، وعلمت الزوجة بالحقوق والواجبات، سهل عليهم بعد ذلك التعاون؛ إذ كل واحد منهما يصبح عارفا بما يلزمه، فإذا قصر الطرف الآخر بسبب تقصيره هو، حاول أن يلتمس له العذر.
نؤكد مرة ثانية ما بدأنا به النصيحة من أن الأفضل لكما التسامح والتعاون، كل منكما يبذل ما يقدر عليه، والرسول ﷺ كان يوصي الصحابة إذا سافروا فيقول: تطاوعا ولا تختلفا، فاستعينوا بالله -سبحانه وتعالى- على أن يقوم كل واحد منكما بما أمكنه من حقوق الآخر، والإحسان إليه، وسيتولى الله -سبحانه وتعالى- عونكم على ذلك.
نسأل الله تعالى أن ييسر أموركم.