كيف أوفق بين صلتي بأمي وأبي وأرحامهما؟

0 0

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أبي وأمي مطلقان منذ أن كان عمري 10 سنوات، وقد هجرنا أبي قبلها عندما كان عمري 8 سنوات، ولم أكن أراه تقريبا مدة سنة، ولم أسمع عن أخباره، (ذهبت لأعيش مع أمي، وأنا أتواصل مع جميع أقاربها والحمد لله)، أما هو فقد أعاد الزواج، ثم توفيت زوجته، فذهب ليعيش بمفرده، وقد كنت أزوره حتى عندما كان متزوجا، وعندما انتقل ليعيش بمفرده كنت أذهب وأحب ذلك، لكن أغلب الوقت هو لا يريد، ومع ذلك أتصل به كل يوم عدة مرات.

كنت أزور عمي وعمتي عندما كنت صغيرة مع أبي وأمي قبل الطلاق، وحتى بعد الطلاق، لكن عمتي أصبحت تهينني وتظلمني، وكلما ذهبت لأزورها بدافع المودة والرحمة أبكتني وسمعت منها كلاما سيئا عني وعن أمي، فلم أرد أن أكذب على نفسي، فأصبحت أخاف الذهاب لما يضر صحتي النفسية، وقد حدث لي شيء مع عمي جعلني أخاف منه، ولا أريد الذهاب إليه، مع العلم أن أمي لم تنهني أبدا عن زيارتهم، لكنها تخاف علي أن أهان، فتقول لي: "فكري جيدا قبل أن تفعلي شيئا".

لدي الآن مشاغل، وأمي مريضة لا يمكنها الطبخ أو الخروج، وأنا القائمة عليها؛ لأنه ليس لدي إخوة أو أخوات، لكن المشكلة أن أبي يلومني لأنني لا أزوره، فهو يسكن مع أخته، وأنا لا أريد الذهاب هناك؛ فحتى لو ظلمتني أو فعلت شيئا لي، هو لن يدافع عني أبدا.

أخاف أن يعاقبني الله، لكنني فعلا خائفة؛ فقد سببت لي هذه الأمور ضررا كبيرا، وأنا أحب أبي.

هل أنا عاقة لوالدي؟ وهل أنا قاطعة لصلة الرحم -أقارب أبي-؟ وهل يعاقبني الله على هذا؟

أرجو منكم الإجابة، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة العاقلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يقر عينك بشفاء الوالدة، وأن يرد إليها العافية، والوالدة مشكورة على تشجيعها لك على الاهتمام بالأرحام والتواصل مع والدك، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يكتب لك التوفيق والسداد.

ونتمنى أن تنجحي في أن توفقي بين بر الأب، وتفادي الأذى الذي يأتيك من العمة، وهذا الأذى هو عبارة عن حسنات، نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يهدي هذه العمة للخير، ولما يحب الله ويرضى من أحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو.

ولكن حق الوالد يظل مستمرا، فإذا استطعت أن تزوري الوالد زيارات قصيرة، أو تحاولي أن ترتبي مع الوالد لتكون الزيارة في أماكن أخرى تجتمعين فيها معه، تزورينه وتقومين بحقه، فهذا حسن؛ لأن صلة الرحم من الأمور المهمة، وبر الوالدين من واجبات الشريعة.

وصبرك على هذه العمة أنت مما تؤجرين عليه، أنت و-لله الحمد- أصبحت في سن تستطيعين فيه أن تعرفي ما فيه مصلحة وما فيه خير، وكلام العمة حتى لو كان قاسيا، أو قصرت؛ فهو على نفسها، وأنت تأخذين الحسنات، وتؤجرين على صبرك عليها؛ لأن العمة أيضا من الأرحام الذين ينبغي أن نصلهم ونصبر عليهم، وإذا لم يصبر الإنسان على عمته وعلى أرحامه فعلى من يكون الصبر؟

وأنت و-لله الحمد- تقومين بواجب كبير تجاه الوالدة، والتواصل مع الوالد أيضا؛ هذا من الأمور المهمة؛ لأن الخصام بين الوالد والوالدة (رسول الطلاق) وكل ذلك لا يضيع حق الوالد ولا حق الوالدة، فالشرع يأمرك أن تحسني للوالدة وتكرميها وتشرفي عليها وتبالغي في إكرامها؛ لأن حقها عظيم، والشرع أيضا يطالبك أن تحترمي الوالد وأن تصليه، وأن تكوني على اتصال معه.

وإذا كان هناك ما يمنعك، فأحسني الاعتذار للوالد، وبيني له أنك تشتاقين إليه، وأنك تريدين أن تذهبي إليه، ولا مانع من أن تخبريه أن كلام العمة يؤثر عليك؛ فإنه يستطيع أن يتكلم مع أخته إذا كان في ذلك مصلحة، أو يستطيع أن يغير، أو يستطيع أن يعطيك حيلة؛ لأن من الحلول المناسبة أن تقابلي والدك في مكان تكونون فيه بعيدا عن العمة، وإذا زرت العمة وهو عندها، تتفقين مع الوالد أن تكون الزيارة قصيرة، مجرد سلام، ثم بعد ذلك تعتذرين باعتذار لطيف، فتكونين بذلك قد قمت بالواجب تجاه الوالد، وقمت بالواجب أيضا تجاه العمة من ناحية صلة الرحم، ونجوت من الأذى الذي يمكن أن يأتي عندما تجلسين طويلا وتسمعين كلاما يؤذيك.

لكن أنت لا تعتبرين قاطعة ما دمت تمرضين الوالدة وحريصة عليها، والوالدة تشكر وهي تشجعك على الذهاب، فنرى ألا تقطعي الصلة بينك وبين الوالد، فإما أن تذهبي إليه، وإذا كان عندك ظرف، فاعتذري إليه، وحاولي أن تنالي رضاه.

نسأل الله أن يعينك على بر الوالدة وعلى بر الوالد وعلى الصبر على الأرحام، ونبشرك بخير كثير، وثواب جزيل عند الله -تبارك وتعالى- وشكرا لك على هذا الحرص على الخير، وهذا القيام بأمر الوالدة، وأيضا الرغبة في التواصل مع الوالد، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات