الجهر بالمعاصي والإسرار بها مخيف ..فكيف يتصرف المؤمن؟

0 0

السؤال

لنفترض على سبيل المثال أنني مدخن، فهل إذا أردت أن أشرب سيجارة أشربها أمام الناس فأفتنهم، وأدخل في حديث الرسول ﷺ: كل أمتي معافى إلا المجاهرين، أم أشربها في الخلوة فأدخل في الحديث الآخر الذي قال فيه الرسول ﷺ: لأعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيضا، فيجعلها الله عز وجل هباء منثورا، قال ثوبان: يا رسول الله، صفهم لنا، جلهم لنا؛ أن لا نكون منهم ونحن لا نعلم، قال ﷺ: أما إنهم إخوانكم، ومن جلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها.

فالحديثان بالنسبة لي يوحيان أن الأول يحذر من المجاهرة بالمعصية، والثاني يحذر من ارتكابها في الخلوة، فأين يفعلها الإنسان إذن؟

كما أن هؤلاء الذين ينتهكون محارم الله في الخلوة كانوا يقيمون الليل، أي أنهم ليسوا مرائين في صلاتهم، بل مؤمنون لكنهم مذنبون، مثل كل الناس.

نسأل الله أن يتوب علينا جميعا، فالمثال للتوضيح فقط.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابننا الكريم- في موقعك استشارات إسلام ويب، وجوابي لك كالآتي:

‏أولا: الجمع بين حديثي: (كل أمة معافى إلا المجاهرين)، وبين حديث ثوبان: (إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها)، فالفرق الجوهري بين الحديثين هو نية القلب، وحال الإنسان هل هو يعصي الله في الخلوات، مع انكسار النفس، والخوف من الله، هل هو يتألم، ويندم، ويتحرق قلبه، ولكن تغلبه نفسه، فهذا يرجى أن يغفر الله له ويتوب عليه، أما الآخر الذي يأتي المعصية سرا مع الجرأة على المعاصي، وعنده استهتار واستخفاف بمحارم الله، مع إظهار الصلاح للناس وإبطان المعاصي، أشبه بالمنافقين، فهو الذي ينطبق عليه حديث ثوبان: (إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها)، وهذا خلاصة القول في الجمع بين الحديثين، ثم لا شك ولا ريب أن التستر بالمعصية أقرب إلى مغفرة الله ورحمته من المجاهرة.

ثانيا: مسألة أن عندهم حظ من قيام الليل، هذا لا ينافي عدم وقوعهم في المعاصي، فهم وإن كان لهم حسنات إلا أنهم يتجرؤون على الله، ويعرضون عن أوامر الله مع إظهار المحاسن للناس، وإبطان المعاصي، فهذا يدل على سوء نيتهم.

ثالثا: وبالنسبة للتوبة، فإنها واجبة سواء أسر بالمعصية، أو جهر بها، ‏فباب التوبة مفتوح، لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها، ولا يغلق باب التوبة إلا إذا بلغت الروح الحلقوم، وقبل ذلك فباب التوبة مفتوح لا يغلق، ‏ومهما كانت ذنوب الإنسان، فإن عفو الله تعالى أعظم، قال تعالى: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم) (الزمر:53) وقال تعالى: (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون) (الشورى:25) وقال صلى الله وسلم: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) صحيح ابن ماجه.

نسأل الله أن يوفقنا لطاعته، والبعد عن معاصيه، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات