وساوس قهرية في العقيدة مع اكتئاب وخوف من الموت

0 486

السؤال

السلام عليكم
أعاني منذ ثلاث سنوات من وسواس قهري في العقيدة بدأ معي إثر التزامي الديني في سن 15 إلى يومنا هذا.

ومنذ ذلك السن وأنا أعاني من الكآبة الشديدة نتيجة لتلك الأفكار الغاية في السوء حول الذات الإلهية والأنبياء والصحابة، حيث أنني أصبحت كثير البكاء والحزن ووصل بي الأمر إلى تكفير نفسي، وأصبحت أظن بأني منافق وأن مصيري إلى النار.

ثم إني لم أكد أعرف بأن هذا مرض نفسي قابل للعلاج، وهو صريح الإيمان حتى أصبت بمعاناة أقسى من ذلك، تتمثل في الخوف الشديد من الموت.
ففي هذا العام الدراسي (وهو الأخير لي في المرحلة الثانوية حيث نجحت بامتياز وكنت من العشرة الأوائل في مدينتي، ووجهت إلى معهد تحضيري للدراسات الهندسية) توفيت فتاة تدرس في معهدنا على إثر حادث أليم ثم توفي أخو زميلي في الدراسة فجأة، وهو شاب في ريعان شبابه، ثم لم تمض فترة قصيرة حتى توفيت زميلتي في الدراسة بمرض السرطان.

والغريب في الأمر أنني في تلك الفترة لم يطرأ علي هذا الخوف الشديد من الموت إذ أصبت بهذا الخوف بعد أكثر من شهرين من موت زميلتي، ففي أوائل شهر يوليو الفارط أحسست بألم في قلبي (مع العلم أني كنت أحس طوال العام بآلام خفيفة في القلب، لكني لم أعرها أي اهتمام).

لكن هذه المرة كان الألم أشد من السابق وهو ما تسبب في ازدياد خوفي، ثم إني في ذلك اليوم بعد إحساسي بالألم استلقيت على الفراش وهنا بالذات حصل ما نكد علي حياتي إلى يومنا هذا.
شعرت فجأة باختناق شديد في التنفس وتسارعت نبضات قلبي كثيرا، وأحسست بارتجاف غريب في جسدي كأن روحي ستخرج من جسدي فظننت بأن نهايتي قد حانت فأخذت أدعو الله بأن يطيل في عمري ثم لا أدري والله كيف اختفت تلك الأعراض.

لكنني بقيت أحس بخوف شديد على مستوى البطن، ومن الغد تطورت الحالة حيث أصبحت أعاني من الفشل والتعب والدوخة والصداع وأصبحت أحس كأن أذني مغلقتان وعندما أمشي أحس بتثاقل في كامل جسدي، وكنت أحس بأنني سأموت في أي لحظة، حيث كنت أفكر بالموت على مدى 24 ساعة في اليوم.

وازدادت الآلام في المعدة والقلب، ووصفها الطبيب بأنها بسبب القلق، وقد أكملت للتو دوجمتيل.

المهم هو أني لم أخبر أحدا بهذا الخوف ولا بالوسواس القهري ولا أريد الذهاب إلى طبيب نفسي (للإشارة التفكير في الموت يلازمني طوال اليوم أما الإحساس بالاختناق والارتجاف فهو يعاودني من فترة إلى أخرى خاصة عندما يذكر الموت والموتى أو حين أرى الجنائز).

ثم ما ساهم في مضاعفة خوفي هو أنني أصبحت أشعر بأنني غريب وكل من حولي غريب وكأنني لست في الدنيا.

عذرا على الإطالة ولكنني في حاجة شديدة إلى من يسمعني ويصدقني ويساعدني في فهم حالتي وتجاوزها - بإذن الله - فأنا على يقين من أن لكل داء دواء، ولو كان الداء مرضا نفسيا يتمثل في الوسواس القهري في العقيدة والخوف من الموت.

جزاكم الله خيرا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أتفق معك أن الذي تعاني منه هو وساوس قهرية، وقد بدأت هكذا، والوساوس دائما تأتي للأشخاص من أصحاب الفضائل والشخصيات الحساسة؛ والوساوس ذات الطابع الديني منتشرة في بلادنا، وهي كما ذكرت إن شاء الله تعالى هي من صريح الإيمان بإذن الله تعالى.

بعد ذلك حدثت لك أن عشت التجارب الأخرى والتي تعلقت بالوفيات للأصدقاء والأقرباء ولمن تعرف، وهذه بالطبع شكلت نوعا من الجرعة النفسية التي أدت إلى ردة فعل نفسية مما سبب لك المخاوف؛ لأن المخاوف في الأصل ذات منشأ، وفي حالتك كان المنشأ هو هذه الوفيات التي حدثت، وتحولت بعد ذلك حالتك إلى ما يعرف بالهرع أو الرهاب، وحقيقة هذه الحالات إن شاء الله تعالج ويشفى منها الإنسان بصفة تامة بإذن الله تعالى.

أنت حقيقة في حاجة ماسة إلى العلاج الدوائي، والذي لابد أن يصحبه أيضا العلاج السلوكي، وسوف أبدأ بالعلاج الدوائي.

لا يعتبر الدوجماتيل علاجا مثاليا في حالتك بالرغم من احترامي لمن وصفه لك؛ ولكن الدواء الأنسب والذي تشير كل الدراسات على فعاليته هو العقار الذي يعرف باسم سبراليكس، وجرعة البداية هي 10 مليجرام ليلا لمدة أسبوعين، ثم ترفع الجرعة إلى 20 مليجرام ليلا وتستمر على هذه الجرعة لمدة تسعة أشهر.

أرجو ألا تعتقد أن هذه مدة طويلة فهي المدة التي تشير كل الدراسات أنها هي المدة المطلوبة، ثم بعد انقضاء التسعة أشهر تخفف الجرعة إلى 10 مليجرام وتستمر عليها لمدة شهرين، ثم تخفض الـ 10 مليجرام إلى 5 مليجرام وتستمر عليها لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناولها.

كما ذكرت لك: جميع الأبحاث تدل أن السبراليكس هو العلاج الأنجع والأفضل، وسوف يخلصك إن شاء الله من أي وساوس ومن أي مخاوف، كما أن الشعور الغريب الذي ينتابك وهو أن من حولك قد تغير وأنك لست في هذه الدنيا، هذا يعرف بـ Depersonlazation، وترجمتها ليست دقيقة ولكن تعني أن الإنسان يحس كأنه ليس هو أو ما حوله قد تغير، وهي أيضا مرتبطة بالقلق والرهاب، وتعالج أيضا عن طريق العقار الذي وصفته لك.

أيها الأخ الفاضل الكريم: لابد أيضا من أن تعيد صياغة التفكير لديك، بأن تحاول مقاومة هذه الأفكار وأن تكون أكثر طمأنينة، وأنت بلا شك تعرف أن الأعمار بيد الله، والإنسان يمكن أن يموت كل من حوله ولكنه يبقى حتى يأتي أجله، هذه قاعدة إيمانية مهمة وضرورية، وأنا أعرف أنك تؤمن بذلك، وفي ذات الوقت تعرف أن النفس البشرية قد تضعف وقد تتأثر.

إذن: واصل هذا العلاج وكن إيجابيا ومقاوما وقويا واستبدل هذه الأفكار بأفكار مضادة لها، وستجد إن شاء الله أن الأمر قد تيسر لك كثيرا.

أرجو أيضا أن تكون فعالا في دراستك، وأن تخطط للمستقبل، وأن تضع أهدافا وتضع الآليات التي سوف توصلك إليها، وفي هذه الحالة هي الاجتهاد والتركيز، وأنا متفائل جدا أنك إن شاء الله سوف تشفى تماما، وأسأل الله لك ذلك.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات