الخوف من حضور التجمعات والمناسبات والميل إلى الوحدة والانطواء

0 409

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

منذ الطفولة وأنا أعاني من الرهاب الاجتماعي، حيث إنني أخاف من حضور التجمعات والمناسبات والالتقاء بالآخرين وأميل إلى الوحدة والانطواء ولا أحب الاختلاط بالآخرين، وفي الفترة الأخيرة حدث لي إلى جانب الخوف ضيق واكتئاب.

إذا فكرت كثيرا في شيء فإنني أشعر بألم في قلبي وأشعر وكأن قلبي ينسلخ، وبدأت معي هذه الحالة عندما كانوا يخوفونني وأنا صغير، وقد ذهبت إلى الطبيب في المرة الأولى واستمريت على العلاج لمدة شهرين، ثم طبيب آخر لمدة شهرين، ثم طبيب ثالث ورابع وحالة الخوف لا زالت عندي.

أنا الآن أستخدم علاجا من أحد الأطباء ... هذا العلاج للقلب والاكتئاب وليس للرهاب، وقريبا ستنتهي فترة العلاج، فهل يمكن أن أستخدم السيروكسات دون أن يؤثر على القلب أو الجهاز العصبي؟ وكم الجرعة المطلوبة؟

ولكم الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد عبد الحافظ حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الصورة التي وصفتها في رسالتك هي مرض عصاب الرهاب الاجتماعي، ومن الواضح أن حالتك هي علة مكتسبة، فما كان يحدث لك من تخويف في وقت الطفولة ربما يكون ساهم في ذلك، وعموما الإنسان حين يتفهم المشكلة التي يعاني منها يعتبر جزءا كبيرا من الحل.

أول شيء لابد أن تعلمه هو أن تتأكد أن هذا النوع لا يمثل جبنا أو ضعفا في الشخصية أو قلة في الإيمان، فهي حالة نفسية مكتسبة، وبالطبع عصاب المخاوف يؤدي في كثير من الحالات إلى القلق والتوتر والشعور بالإحباط، فالذي أرجوه منك هو أن تطبق العلاجات السلوكية، والعلاجات السلوكية تقوم أولا: على تحقير فكرة المخاوف، ومحاولة المقارنة بالآخرين.

ثانيا: الناس الذين يذهبون ويروحون ويعملون في مكاتبهم ولديهم القدرة على المواجهة ومخاطبة الآخرين، وكذلك أئمة المساجد والمعلمين في المدارس والمحاضرين والمذيعين، انظر كيف هؤلاء الناس يستطيعون مواجهة الآخرين؟ وأنت في نظري لا تقل عنهم، فيجب أن تعيش هذا الشعور بتأمل واسترخاء وتحتم على نفسك أن ما يقوم به الآخرون يمكن أن تقوم به أيضا.

ثالثا: أرجو أن تستبدل كل فكرة أو موقف أو فعل قائم على الخوف وعدم القدرة على المواجهة استبدله بما هو مضاد له، وحاول أن تركز على هذا المضاد فكرة أو قولا أو فعلا.

رابعا: أرجو أن تجلس يوميا لفترة لا تقل عن عشرين دقيقة وأنت في وضع استرخائي وتأملي وفي مكان هادئ، وتصور أنك في مواجهة كبيرة جدا أمام تجمع كبير وأنت الذي ينظر إليك في هذا التجمع لأنك الذي تقود الأمر وكل الناس تركز انتباهها عليك، أو تصور أنك تقوم بالصلاة إماما للناس في المسجد أو تخطب فيهم... عش هذه المواقف بتأمل علاجي، فهي مفيدة وفعالة، وبعد ذلك أرجو أن تبدأ في التطبيق الفعلي، وصدقني أنك ربما تعاني بعض الشيء في المراحل الأولى ولكن بعد ذلك سينتهي الأمر تماما.

خامسا: أرجو أن تطور من مهاراتك الاجتماعية وحاول أن تنظر إلى الناس في وجوههم حين تخاطبهم وحاول أن تكون أنت البادئ للكلام وحاول أن تكون لغة الكلام لديك غنية؛ بمعنى إذا تحدث إليك أحد في موضوع ما فحاول أن تجيب عليه بإسهاب أكثر وتفاصيل أكثر.

هذه كلها فنيات بسيطة ولكنها مهمة جدا، وهنالك أيضا وسائل غير مباشرة لعلاج الرهاب الاجتماعي منها ممارسة الرياضة الجماعية؛ فحين تلعب الكرة (كرة القدم) مثلا مع مجموعة من الأخوة يجعلك تتفاعل معهم وتمتص هذا الخوف والقلق، وكما أن المواظبة على حلقات التلاوة تمثل دافعا نفسيا قويا للقضاء على الرهاب الاجتماعي... فأرجو أن تحرص على هذه الأسس العلاجية.

الخط الثاني في العلاج بعد العلاج السلوكي هو العلاج الدوائي، وأقول لك: نعم الزيروكسات من الأدوية الجيدة جدا، وقبل أن نشرع في التفاصيل أنت ذكرت أنك تتناول علاجا للقلب، فحقيقة أنا لا أعرف هل هو بمجرد تخفيف الضربات التي تأتي من الخوف أو هو فعلا لعلاج القلب، مع ذلك لا أعتقد أنك مريض بالقلب، وعموما بالنسبة للزيروكسات يعتبر دواء سليم وفعال ولا يؤثر مطلقا على القلب، بل على العكس تماما يعتبر هو من الأدوية السليمة جدا في هذا السياق؛ وكما أنه لا يؤثر على الجهاز العصبي.

جرعة البداية لهذا الدواء هي 10 مليجرامات ( نصف حبة ) ليلا بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم ترفع الجرعة بنفس هذا المعدل 10 مليجرامات ( نصف حبة ) كل أسبوعين حتى تصل إلى حبة ونصف ( 30 مليجراما ) لمدة شهرين. إذا شعرت بتحسن جيد فاستمر على نفس هذه الجرعة ( 30 مليجراما )، وإذا لم تحس بتحسن فارفع الجرعة إلى حبتين ( 40 مليجراما ).

عموما الجرعة إن كانت حبة أو حبتين يجب أن تستمر عليها لمدة ستة أشهر، وهي تعتبر أقل مدة مطلوبة، وبعد ذلك تخفض الجرعة العلاجية بمعدل نصف حبة كل أسبوعين حتى تتوقف عنه.

المهم جدا هو الالتزام التام بالدواء في وقته وبجرعته الصحيحة، فهذا يعتبر ضروري جدا، وأيضا أن تحرص على تطبيق الإرشادات السلوكية السابقة ولا تهملها مطلقا، وأقول لك أخيرا: إن هذه الحالة يمكن أن تعالج بصفة تامة، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات