التعامل مع أطفال اليوم

0 288

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أقدم لكم الشكر الجزيل على الجهود المبذولة لخدمة المجتمع، وجزاكم الله عنا كل خير.
تبلغ بنت أختي من العمر أربع سنوات ونصف تقريبا، وهي سليمة الحواس ولله الحمد، ومشكلتها - أو مشاكلها - يمكن أن أوضحها كما يلي:

1. ارتباطها بالزوار حيث تبكي كثيرا عندما يذهبون؛ لأنها تريد أن تذهب معهم.

2. عدم تنفيذها للتوجيهات من قبل أمها أو من قبلي في حالة إزعاجها لنا أو ارتكابها لخطأ معين حيث لا تتقبل أسلوب التعنيف أو الصراخ عليها وتظل متشبثة بموقفها.

3. ارتباطها بخالتها، وتصاب ببكاء يكاد يكون هستيريا عند ذهاب خالتها من البيت حتى أنها تتمسك بملابس خالتها ورجلها راجية أن تبقى أو تذهب معها لبيتها.

4. أحيانا تفقد أمها أعصابها كأي أم وتضرب هذه البنت، وكثيرا ما تكون ردة فعلها أن تضحك وتظل تعاند أمها حتى تفقد الأم أعصابها تماما قتضربها ضربا مبرحا ينتج عنه بكاء هذه الطفلة.

5. عندما أكلمها بأسلوب عنيف أحيانا تكون ردة فعلها أن تقول لي: أنا لا أخاف منك. أو تقول: لا تستطيع أن تضربني. أو من قبيل هذا الكلام.

6. في حال إصابة نفسها بضربة أو سقوط أو تعثر -وإن كانت بسيطة- وضحكت عليها فإنها تبكي بكاء شديدا وكأنها أصيبت بشيء خطير، وأما في حالة التظاهر بعدم رؤيتها أو توجيه كلام حلو لها مثل: معليش أو بسيطة فإنها لا تبكي وتمضي المسألة على خير.

وفي النهاية لعلي أوضحت الصورة بشكل كامل لمعرفة سلوكيات بنت أختي.

ولا نعرف كيف نجازيكم على هذا المجهود الذي تبذلونه، ولا نملك إلا الدعاء لكم بالتوفيق في الدنيا والآخرة.

وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فهد أحمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن بنت أختك هي وردة المنزل - نسأل الله أن يصلحها وينجحها - فلا تقيدوا حركتها، ولا تسارعوا إلى عقوبتها وأكثروا من الدعاء لها، ومن حق أطفال اليوم أن يبكوا من أجل قيود الحياة، وتصاعد الاهتمام بالماديات عند أهلها، وما يحصل بين الناس من الجفاء، وهذا أمر أصبح يزعج المهمتين بالتربية حتى قال بعضهم: لن يسعد أطفال المدن إلا إذا أرجعناهم للأرياف؛ ليتربوا هناك، ويلعبوا، ويعيشوا مع الناس.

ولا شك أن تصرفات هذه الطفلة تشير إلى موهبة قيادية وروح اجتماعية جيدة، ونسأل الله أن يحفظها، ونحن ننصحكم بالمجيء بأطفال ليشاركوها اللعب، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسرب لعائشة من يلعبن معها، كما أرجو أن تزوروا الأهل الذين عندهم أطفال، وأن تشعروها بالتقدير والحب والاهتمام، فإن تعلقها بالزوار ربما يدل على حاجتها إلى لطف واهتمام، كما يدل على ذلك تمردها من كثرة القيود والأوامر والتعليمات.

ولا شك أن أسلوب الصراخ والعنف له آثار سالبة وخاصة لطفلة في هذا العمر، وإنما الصواب هو إظهار التغافل والثناء على التصرفات الجيدة الرشيدة وإعلان الحب لها إذا لم تقم بما يزعج، والاتفاق على طريقة واحدة في التوجيه، وإذا لم تسمع الكلام فلا مانع من إظهار عدم الرضا ثم فرك الأذن بلطف بعد تعليمها وتنبيهها.

ولست أدري هل هناك طفل أصغر منها في البيت أو هناك أطفال صغار يجدون مزيدا من العناية والاهتمام وهي تشاهدهم؟ وإذا وجد ذلك فأرجو أن تزيدوا لها جرعات العطف والاهتمام.

وأما بالنسبة بارتباطها بخالتها فالأمر هين، ويبدو أن هذه الخالة تهتم بالطفلة وتلاطفها وتمنحها جرعات مفقودة من قبلكم.

ونحن في الحقيقة لا نرضى لأي أم أن تقوم بمعاقبة أطفالها وهي غاضبة؛ فإن في ذلك أضرارا خطيرة، وقد يتسبب ذلك في إلحاق الأذى الجسدي أو النفسي بالطفلة، ونتيجته الطبيعية هي العناد، وقد يتطور الأمر فتقوم بإحراج الأسرة أمام الضيوف وزوال خوفها من العقاب، وعند ذلك تسقط جميع الأسلحة.

وأرجو أن لا تكلموها بطريقة عنيفة فإن ذلك يرسخ عندها روح العناد خاصة وهي تمر بسنوات العناد التي تنتهي على أبواب السادسة من عمرها، ونحن نخطئ عندما نقابل عناد الأطفال بعناد مماثل، ونخطئ عندما نعطيها أوامر لا تقبل الإجابة إلا بلا أو نعم، ونخطئ عندما نطالبها بترك اللعب فورا أو الذهاب للنوم فورا، ولكن الصواب في هذه الأحوال هو أن نقول لها: إن الطفلة الجميلة ستترك اللعب بعد قليل وتذهب للنوم. أو نقول لها: يا حبيبتي نحن ننتظرك للعشاء بعد دقائق فحاولي جمع الألعاب الجميلة. أو نقول لها: نحن نحب الطفلة التي تقول نعم! وما أجمل نعم عندما نسمعها من فلانة!

والصواب أن نتغافل عن الطفل في بعض التصرفات، بل هو علاج للدلع الزائد؛ فلقد يحاول الطفل لفت الانتباه بكثرة البكاء أو الصراخ فإذا لم يهتموا به سكت وعاد إلى صوابه وهدوئه، كما أن كلمة (معليش) و(مسكينة) لها آثار سيئة على الطفل.

وهذه وصيتي لكم بتقوى الله، ثم بضرورة إظهار الكلمات الجميلة والتصرفات السديدة، فالأمر كما قال معاوية رضي الله عنه لمؤدب أولاده: (ليكن ما تبدأ به من تأديب أولادي تأديب نفسك، فإن أعينهم معقودة بعينك، فالحسن عندهم ما استحسنته، والقبيح عندهم ما استقبحته)، ولا داعي للانزعاج فالأمر بسيط، وأرجو أن لا تشعر الطفلة أنكم منزعجون من تصرفاتها فإن ذلك يدفعها لمزيد من التمرد لتكون رقما صعبا وحتى تقفز إلى سطح الاهتمام. ونسأل الله أن يصلحها وأطفال المسلمين.
وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات