التعامل مع الناس بالحسناء من خلق الصالحين

0 576

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أتعامل مع الناس في عملي بما يرضي الله، لكني في المقابل أجد إساءة من الناس، حيث يعتبرون معاملتي الحسنة ضعفا مني.

أضطر في بعض المرات للتفوه بكلمات فيها غلظة؛ مما ينتج أن أخسرهم، فأضطر أن أنافقهم، فماذا أفعل؟
وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمينة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإننا ندعوك إلى أن تعاملي الناس بالتي هي أحسن، وأن تقولي ما يرضي الله ليس لأجل الناس، ولكن لأن الذي أمرنا بذلك هو رب الناس، كما أرجو أن لا يدفعك تقصير الناس في حقك إلى معاملتهم بالمثل أو مقابلة تقصيرهم بالإساءة، والله سبحانه وصف الأخيار فقال: ((وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما))[الفرقان:63].

لعلك لاحظت أنهم يتحملون من الجهلاء، وإذا صبرت عليهم فإنك تكونين كالنخلة التي يرميها الناس بالحجارة فتعطيهم أطيب الثمار، وقد أحسن من قال:
وذو سفه يواجهني بجهل فأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة وأزيــد حلـما كعود زاده الإحراق طيبا
ومن هنا فنحن ندعوك إلى مقابلة الإساءة بالإحسان، والصبر على الأذى رغبة في الجنة والرضوان، ونسأل الله لك التوفيق مدى الأزمان، ولا يخفى على أمثالك أن الناس جبلوا على حب من أحسن إليهم، وأن الله قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: ((ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم))[آل عمران:159] أي: إن أخطئوا ((واستغفر لهم))[آل عمران:159] أي: إن تجاوزوا. ((وشاورهم في الأمر))[آل عمران:159] شورى تطيب بها قلوبهم، وأمره بأن يصل من قطعه، وأن يعطي من حرمه، وأن يعفو عمن ظلمه، فقال سبحانه: ((خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين))[الأعراف:199].
ولا شك أن الشيطان يحرض على الشر، ويقول للإنسان أنت تحتقر نفسك، وتظهر للناس أنك ضعيف وأن إحسانك هو سبب ما يحصل لك، والعاقلة تدرك عداوة الشيطان، وتوقن أن الفلاح في معاداته ومخالفته.
فهذا من حيث الأصل العام، وأما إن كان هنالك بعض الناس إن عاملتهم بالإحسان أساؤوا إليك، وازدادوا في إساءتهم! فهؤلاء يعاملون بما يدفع شرهم، بحيث تعرفين إذا لاحظت أن بعض الناس إن عاملتهم بالإحسان ازدادوا جرأة، وازدادوا أذية لك، ففي هذه الحالة يمكنك ردهم بالقدر المعتدل الذي يحفظ لك حقك، وحتى لا يتمادى عليك الناس بالإساءة، فليس كل إنسان إن دفع شره بالحسنى اندفع، بل إن منهم من يزداد في هذه الحالة، والقاعدة في هذا هي إنزال الناس منازلهم.
وهذه وصيتي لك بتقوى الله، وعليك بالتوجه إلى من يهدى لأحسن الأخلاق والأعمال، ونسأل الله عز وجل لك التوفيق والسداد وأن يشرح صدرك وأن ييسر أمرك وأن يجعلك من عباد الله الصالحين وأن يوفقك لما يحب ويرضى.
وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات