وجوب القيام بالدعوة إلى الله دون انتظار النتائج

0 430

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قرأت هذا الحديث واستغربت (نبي وليس معه أحد)، فهل هذا يعني أن علينا بذل الأسباب دون الرجوع للنتائج؟ وهل هذا يعني أنني لو خططت لحملة دعوية وكانت نتيجة الدراسة الحسابية المنطقية أن المستفيد هو 3 من كل 300، فعلي أن أواصل؟
قرأت الحديث في الإنترنت ووجدته على موقعكم بدون تفسير!
عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عرضت علي الأمم فرأيت النبي ومعه الرهط والنبي ومعه الرجل والرجلان والنبي وليس معه أحد).

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبا إملي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يجعلك من الدعاة إليه على بصيرة وأن يفتح بك ولك.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإنه وكما لا يخفى عليك أن تغيير المحسوسات أمر مقدور عليه لكثير من الخلق، وإمكاناته سهلة ميسورة لمن رغب فيه، فبمقدوري مثلا أن أغير سيارتي أو ألوان ملابسي، وكذلك ألوان غرفتي وحجرات منزلي، وأن أغير شبكة الطرق وأن أنقل حبلا من مكانه، إلى غير ذلك مما تراه أمام عينيك يوميا من تغيير المحسوسات.
أما تغيير المعتقدات وأنماط السلوك فليس بهذه السهولة؛ ولذلك اختار الله لهذه العملية التغيرية خير خلقه، وصفوة عباده وهم الأنبياء والمرسلون، وأيدهم بالعصمة والوحي والمعجزات الخارقة للعباد، والمدهشة للعقول، ورغم ذلك استعصت بعض المجتمعات على هذه السبل كلها، وأبت إلا أن تظل على ما هي عليه من موروثات الآباء والأجداد، وأغلقت قلوبها وعقولها، وغطت أعينها وسدت آذانها عن استماع أي نصح أو توجيه مخافة تغير هذه الموروثات، والقرآن الكريم حوى الكثير من هذه النماذج البائسة، وهذا الحديث الذي ذكرته هو أيضا من إسهامات السنة في بيان هذه الحقيقة المرة والمؤلمة، نعم يأتي النبي ولا أحد معه، وحسبه فقط أنه أعذر إلى الله، وقام بالبلاغ والبيان وفق إمكاناته وظروفه المتاحة.
وهذا هو المطلوب من كل داعية في كل زمان ومكان، أن تبذل قصارى جهدك، وأن تتحرى السبل المناسبة، وأن تصدق الصدق كله، وأن تدع النتائج بعد ذلك للحق جل جلاله، وهذا هو ما قال الحق تبارك وتعالى لنبيه وحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم: ((إن عليك إلا البلاغ))[الشورى:48]، ((إن أنت إلا نذير))[فاطر:23]، ((فذكر إن نفعت الذكرى))[الأعلى:9]، ((لست عليهم بمصيطر))[الغاشية:22]، ((وما أنت بهاد العمي عن ضلالتهم))[النمل:81]، ((وما أنت بمسمع من في القبور))[فاطر:22]، إلى غير ذلك من الآيات التي تبين دوره فقط، بل ودور كل داعية في كل عصر ومصر، فما علينا إلا أن نأخذ بالأسباب الممكنة والمتاحة والمشروعة، وأن نجد ونجتهد في تطوير وسائلنا ما دام ذلك ممكنا، ونتضرع إلى الله أن يتقبل منا، وأن يجعل في كلامنا الأثر والنفع، وأن نبرأ من حولنا وقوتنا، وأن نظهر أمام الله ضعفنا وعجزنا، وأن نسأله السداد والقبول.
فخذ بالأسباب، وطور أدوارك، وحسن طريقة طرحك، وتفقه بفقه الدعوة، وإياك واليأس.
واعلم أن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء .
والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات