الدنيا.. بين المدح والذم

0 259

السؤال

(الدنيا جيفة وطلابها كلابها) جملة سمعتها ووجدتها معبرة وأثرت في، فشاركتها مع أصدقائي على أحد مواقع التعارف، فاتهم أحدهم الكلام بسوء الأدب وطول اللسان.

وعندما حاججته بقوله تعالى: ((كمثل الحمار))[الجمعة:5] فقال: هناك فرق بين مثل والأولى، فالأولى ليس فيها مثل، ولكن عندما تأملتها ثانية فلم أجد فيها غير استعارة تشبيهية.

السؤال: هل في هذه الجملة إساءة أدب؟ وإن لم يكن فأين الحجة على هذا؟ وإن كان فيها إساءة أدب أرجو توضيحه.
وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الدنيا لا تذم على الإطلاق، وإنما تذم إذا قدمها الإنسان واشتغل بها ونسي المهمة التي خلق لأجلها وهي الواردة في قوله تعالى: ((وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون))[الذاريات:56] والعبارة طبعا: ( الدنيا جيفة وطلابها كلابها ) حتى قال الشاعر:
فإن تجتنيها كنت سلما لأهلها *** وإن تجتذبها نازعتك كلابها
ولا شك أن من ينجح في المهمة التي خلق لأجلها أفضل من الذي يفشل، والكلاب وكافة الحيوانات نجحت في المهمة التي خلقت لأجلها وهي مع ذلك أمم تسبح لله: ((كل قد علم صلاته وتسبيحه))[النور:41]، ولم يشذ ويخرج من هذا الكون الخاضع المسبح لله إلا العصاة من بني آدم، وأولئك الذين قال الله تعالى فيهم: ((أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون))[الأعراف:179]، وقال في الذي ترك الهدى بعد وضوحه وانسلخ عن آية الله: (( فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ))[الأعراف:176]، ومر النبي صلى الله عليه وسلم على جيفة حيوان ميت مقطوع الأذن فقال: (أيكم يشترى هذا بدرهمين؟ فقالوا: هذا لو كان حيا لكان معيبا، كيف وهو ميت؟ فقال صلى الله عليه وسلم: الدنيا أهون عند الله من هذا).

إذن: الدين الإسلامي لا يرفض الدنيا إلا إذا شغلت عن الآخرة، ولذلك لما تكلم رجل عن الدنيا ووصفها في مجلس عمر رضي الله عنه قام شيخ المسلمين أبي بن كعب رضي الله عنه فقال: وصدق الرجل فيما قال إلا في حديثه عن الدنيا فإنها مطيتنا إلى الآخرة، وهي مزرعتنا: والإسلام دين عظيم متوازن، قال تعالى: ((وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا))[القصص:77].

ولست أدري لماذا رفض الزملاء العبارة مع أنهم يعرفون بأن الدنيا بدون الآخرة ضياع، وهناك عبارات كثيرة متداولة بل هناك تصرفات ظاهره ظالمة قبيحة لطلاب الدنيا.

وهذه وصيتي لكم جميعا بتقوى الله ثم بطلب الدنيا بالحلال وتقديمها لنيل رضوان الكبير المتعال مع ضرورة أن لا تنشغل بها عن المهمة وأن لا تأخذ أكثر من حجمها فإن الله سبحانه لم يقبلها ثوابا لأوليائه لأنها لا تزن جناح بعوضة فلذلك فهو يعطيها للمسلم والكافر.

ونسأل الله أن يوفقكم ويسددكم.

مواد ذات صلة

الاستشارات

لا يوجد استشارات مرتبطة