التحسس من الأشخاص المقربين وضعف الشخصية.. الأسباب والعلاج

0 348

السؤال

أنا فتاة حساسة من الأشخاص الذين أحبهم، لدرجة أن أي كلمة يقولونها ولو كانت بدون قصد أجد نفسي أتألم منها، وأبكي بمفردي، وقد تطورت مشكلتي إلى أني لا أستطيع الدفاع عن نفسي معهم، وإن كنت مظلومة أجد نفسي أبكي أمام الجميع حتى وإن لم أتكلم.

ولا أحد يعلم بهذه المشكلة (والكل يعاتبني بضعف شخصيتي)، فأريدكم أن تساعدوني في التخلص من هذا المشكلة، مع العلم أني مقبلة على الزواج.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دمعة حرمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

فإن من يقرأ رسالتك يستشف من خلالها رقتك وشفافيتك، وهذا شيء جميل في الأنثى، ولكن لا ندع هذه الرقة والشفافية تصل لدرجة الحساسية المفرطة، فالإنسان الحساس يتعب ويتعب من حوله؛ لأنه يجعل من يتعامل معه يكون حذرا ويخاف من حساسيته ومن تفسيره للأمور والمواقف حسبما يراها، وليست كما هي في الحقيقة.

وقد يعود هذا لأسلوب التربية في الطفولة، كالدلال الزائد أو عدم إشعار الطفل بالخطأ، كتحمل الأخطاء عنه أو بإلقاء اللوم على الآخرين، أو غير ذلك من الأساليب والأسباب.

والجميل في الموضوع أنك وضعت يدك على أطراف المشكلة، وكونك شعرت بمشكلتك، بل وبدأت في تحليلها بأنك حساسة، وأنك تضعفين عن الدفاع عن نفسك، وأن البعض يعاتبك بضعف الشخصية ..... إلخ؛ فهذا نصف الحل؛ لأنك اكتشفت مواطن الضعف والخطأ، وبقي النصف الآخر، وهو أن تتصرفي بعقلانية وواقعية، وأن تواجهي نفسك عند كل موقف، وتوازني بين الأمور.

عزيزتي: تسلحي بسلامة الصدر وظني بالناس خيرا، فكما جاء في شعب الإيمان عن جعفر بن محمد قال: [إذا بلغك عن أخيك الشيء تنكره، فالتمس له عذرا واحدا إلى سبعين عذرا، فإن أصبته وإلا فقل: لعل له عذرا لا أعرفه]، فلا تبكي وتتألمي من كل كلمة قصدت أم لم تقصد، فكلنا خطاؤون، والجزاء من جنس العمل.

استخدمي أسلوب التغافل؛ فقد يخطئ معك أحد وقد يقصد الخطأ، ولكن حاولي أن تتغافلي وخذيها بالقصد الحسن، وتسامحي واغفري، فالذي لا يغفر يكون ضحية للآخرين، قال تعالى: (( ألا تحبون أن يغفر الله لكم ))[النور:22]، وستجدين مردودا رائعا.

لا تعاتبي ولا تغضبي ولا تنزعجي من بعض التصرفات التي لا تعجبك، أو بالأحرى لا ترضيك، وخذي ما تعفو عنه نفوس الآخرين من بعض التصرفات، واحمدي الله الذي عافاك ولم يجعلك أنت في هذا الموقف، واعلمي أن البعض مبتلون بهذه الأخلاق، وابتلاك أنت بهذه المواقف ليختبر صبرك، قال تعالى: (( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ))[الأعراف:199].

تحكمي في مشاعرك، واكظمي الغيظ، وتحلي بالحلم والصبر، وضعي نفسك تحت المجهر عند أي موقف كيف ستتصرفين، فكما تفعل تجازى، وكما تدين تدان.

طبقي ما قلته لك، ولا تقولي: لا أستطيع! لأنك ستستطيعين، فالتغيير لا يأتي إلا من الداخل، ثقي أن لا أحد في هذه الدنيا يستطيع أن يغير من طبعك إلا أنت، فمتى طبقت ما ذكرت أصبحت إنسانة قوية الشخصية متسامحة تتنازلين عما تريدين بإرادتك أنت، لا بحكم غيرك.

دربي نفسك وتحكمي في مشاعرك حتى لا تبدين أمام الآخرين أنك ضعيفة الشخصية، وحتى تقتنعي أنت من الداخل أنك إنسانة متزنة لا تهتز لأي موقف عارض، لاسيما أنك مقبلة على زواج، والزوج يمل من الحساسية المفرطة من الزوجة، ويكره أن يراها تبكي أمامه.

أنا على ثقة بإذن الله أنك بعد فترة بسيطة ستكونين شخصية أخرى، لاسيما أنك تعرفت على مشكلتك وبحثت عن الحل، نسأل الله أن يلهمك رشدك ويقيك شر نفسك، وأن يجعلك إنسانة متفائلة تختار أجمل الأسماء والألقاب لنفسها، استبدلي الدمعة بالبسمة، والحرمان بالرضا.

ويمكنك الاستزادة بالاطلاع على العلاج السلوكي لقلة الثقة بالنفس في الاستشارات التالية: (265851-259418-269678-254892).

وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات