السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعاني من الوسواس القهري منذ عامين، وذلك بعد قراءتي لفتوى تقول إن المني قد ينزل بدون جماع، ومنذ ذلك الوقت -وأنا غير متزوجة- بدأت تهاجمني أفكار متلاحقة وشكوك دائمة في طهارتي، وأظل منشغلة بالتفكير في أسباب محتملة لعدم الطهارة، مثل الاحتلام وغيره، ما تسبب لي بقلق دائم ومعاناة نفسية متواصلة.
ذهبت إلى طبيبة نفسية، ووصفت لي دواء (سيبرالكس)، وقد تناولته لأكثر من عام، ولكن حالتي لم تتحسن، بل ازدادت سوءا، حاولت بكل جهدي مقاومة هذا الوسواس دون جدوى، فهل هناك علاج فعال لحالتي؟ أرجو الرد من طبيب نفسي.
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إن هذه الفكرة الوسواسية التي استقرت في ذهنك وأصبحت تسبب لك الإزعاج، هي فكرة مكتسبة، وقد ذكرت سببها بوضوح، والوساوس من هذا النوع يمكن علاجها ومقاومتها -إن شاء الله-.
أولا: من ناحية العلاج السلوكي:
يقوم على مبدأ تحقير الفكرة، وفكرة أنك غير طاهرة فكرة خاطئة من الأساس، فإذا حدث احتلام للرجل أو المرأة، أو نزل شيء، فإن ذلك يكون واضحا ومعلوما، ولا يحتاج إلى تأويل أو شك، أما ما يقال عن نزول شيء دون مسبب، فليس صحيحا. فلماذا هذا الانزعاج؟ ولماذا هذه الوساوس؟ أنت مطالبة بأن تحقري هذه الفكرة تحقيرا تاما.
ثانيا: هناك علاجات تسمى بالعلاجات التنفيرية، بأن تنفري من هذه الفكرة وتلفظيها وترفضيها، وذلك بإدخال فكرة مضادة لها، فعندما تراودك هذه الفكرة، أدخلي فكرة مضادة، مثل أن تفكري في أنك تريدين الآن أن تصلي، أو فكري وقولي إن عدم طهارة المرأة يكون فقط في أيام نزول الطمث، وهذه حقيقة، إذا فكري بفكرة منطقية وحقيقية ومضادة للفكرة التي تراودك.
علاج سلوكي آخر هو: أن تتأملي في هذه الفكرة الوسواسية بعمق، وفي الوقت نفسه تقومين بالضرب على يدك بشدة حتى تشعري بالألم. والهدف من ذلك أن يحدث نوع من الربط بين الفكرة الوسواسية وبين الإحساس المضاد وهو إيقاع الألم، وهذا يؤدي إلى ما يعرف بفك الارتباط الشرطي، حيث تضعف الفكرة الوسواسية - إن شاء الله - تدريجيا.
من المهم أن تكرري هذه التمارين عشر مرات متتالية يوميا، فهذا يساعد كثيرا في طرد الفكرة.
أما بالنسبة للعلاج الدوائي، فتوجد أدوية فعالة وممتازة، وبما أنك لم تستفيدي من الـ (سيبرالكس، Cipralex)، فأعتقد أن الـ(بروزاك، Prozac) هو الدواء الأفضل لعلاج الوساوس من هذا النوع، ويأتي بعده الـ (فافرين، Faverin). أما السبرالكس فيعد في المرحلة الثالثة أو الرابعة من حيث الفعالية.
فابدئي في تناول البروزاك -والذي يعرف علميا باسم (فلوكستين، Fluoxetine)- وقد يوجد تحت اسم تجاري مختلف حسب البلد، المهم أن تتأكدي من الاسم العلمي.
ابدئي بجرعة كبسولة واحدة (20 ملغ) يوميا بعد الأكل، ولمدة أسبوعين، ثم ارفعي الجرعة إلى كبسولتين يوميا (40 ملغ)، وهي الجرعة العلاجية المناسبة لحالتك، علما بأن هذا الدواء يمكن أن يؤخذ حتى أربع كبسولات في اليوم، لكنك -إن شاء الله- لست بحاجة إلى ذلك.
استمري على الجرعة العلاجية (40 ملغ) لمدة ستة أشهر على الأقل، ثم خفضيها إلى كبسولة واحدة يوميا لمدة ستة أشهر أخرى، ثم كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهرين، ثم أوقفي الدواء.
هذا الدواء -بإذن الله- سيفيدك، ولكن لا بد من دعمه بالإرشادات السلوكية السابقة، وعليك بالإكثار من الاستغفار، والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وألا تتركي صلاتك أبدا، وحاولي أن تحاصري هذا الشك بالتحقير والتجاهل وتصحيح الأفكار بصورة أكثر وعيا -كما ذكرنا-، ولا تعطي الفرصة للوسواس أن يستحوذ عليك.
وختاما: نشكر لك تواصلك مع إسلام ويب، وبالله التوفيق.