السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعاني منذ خمس سنوات، من ألم مستمر في الرأس، خاصة في الجهة اليمنى، وأشعر بانكماش في أعلى فروة رأسي، ورغبة شديدة في النوم، بالإضافة إلى ذلك أني أعاني من ألم في الكتفين.
أجريت فحوصات عديدة وزرت أطباء كثرا، وقد قالوا لي: إنه العصب الخامس، تناولت علاجات متنوعة، بما فيها أدوية الصرع، ولكن لم أستجب لأي منها، وذهبت إلى عدة مشايخ ليقرؤوا علي، وأثناء القراءة أشعر بضيق في التنفس، بالإضافة إلى ابتسامة غير إرادية.
كما أنني لا أرغب في معاشرة زوجتي ولا في ملاطفتها، وأصبحت عصبيا بشكل لا يطاق، تحولت إلى شخص آخر بسبب هذا الصداع المستمر منذ أكثر من أربع سنوات، والله لقد أعياني هذا الصداع تعبا شديدا.
أرجو أن أجد الحل لديكم. أفيدوني، يرحمني ويرحمكم الله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن هذا الصداع الذي تعاني منه، وبالرغم مما سببه لك من إزعاج، إلا أننا نعتبره من أنواع الصداع الحميدة، فكونه يلازمك منذ خمس سنوات، فإن هذا النوع من الصداع إما أن يكون ضربا من الشقيقة -أي الصداع النصفي- أو أنه نوع من الصداع القلقي، أو صداع ناتج عن ممارسات خاطئة، كالنوم على وسادتين مثلا، أو انشدادات عضلية تؤدي إلى مثل هذا الصداع.
أخي الكريم: أنصحك بألا تتردد في مراجعة الأطباء، ولكن لا تذهب إلى أطباء متعددين، فقط واصل المتابعة مع طبيب أعصاب متخصص، وليس طبيبا نفسيا أو طبيبا باطنيا فحسب، طبيب الباطنية المختص في أمراض الأعصاب هو الذي سيفيدك.
قد ذكرت أنه قد وصف لك علاج للصرع، وفي مثل هذه الحالات لا يعطى علاج الصرع بهدف معالجة بؤرة صرعية، لأنه ليس لديك بؤرة صرعية، ولكن أدوية مثل الـ (تيجريتول، Tegretol) والذي يعرف باسم (كاربامازيبين، Carbamazepine) تعطى بالفعل لالتهاب العصب الخامس، والتهاب العصب الخامس يؤدي إلى صداع شديد جدا في بعض الحالات، فأرجو أن تصحح فهمك لهذه النقطة.
أما بالنسبة للذهاب إلى المشايخ، فنحن نقول: الرقية الشرعية مطلوبة على كل حال، فقد كان رسول الله ﷺ إذا اشتكى رقاه جبريل عليه السلام بـ: (بسم الله أرقيك والله يشفيك من كل داء يؤذيك من شر حاسد إذا حسد ومن شر كل ذي عين) وكان يرقي أصحابه ﷺ فيقول: (بسم الله شفاء الحي الحميد من كل حسد أو حديد، أو حجر طريد، اللهم اشف ما بعبدك، إنه لا شافي إلا أنت).
وروي أن خالد بن الوليد اشتكى إلى رسول الله ﷺ أرقا كان يجده من الليل، فقال له رسول الله ﷺ : (قل أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه ومن شر عباده ومن همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون).
وقالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله ﷺ إذا اشتكى عضوا مسح عليه بيمينه، ثم قال: (أذهب البأس رب الناس اشف وأنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما). وقالت: فلما مرض ذهبت لأصنع كما كان يصنع، فجعلت أمسح بيمينه رجاء بركتها.
فالرقية مطلوبة، ويمكن للإنسان أن يرقي نفسه بنفسه، أو يذهب إلى من يثق به، والرقية يمكن أن تكرر مرات عديدة. هذا فيما يخص هذا الجانب.
إذا، اختصارا للأمر: أقول لك: إذا لم يكن الصداع مصحوبا بغثيان أو قيء مثلا، فغالبا ما يكون صداعا عصبيا، وليس صداعا نصفيا أو ما يعرف بالشقيقة، أما الرغبة في النوم، فقد تكون مرتبطة بأنواع معينة من الشقيقة، وأحيانا أيضا بالقلق، خاصة إذا كان القلق من النوع الاكتئابي، إذن: يمكن أن تكون الرغبة في النوم ناتجة عن أي من التشخيصين.
أما الألم في الكتفين: فهو دليل على وجود توتر عضلي أيضا، والتوتر العضلي إما أن يكون ناتجا عن النوم بطريقة خاطئة -كما ذكرت لك- أو عن القلق النفسي.
نحن نميل أكثر إلى أن هذا الصداع هو صداع قلقي، أو من النوع المختلط -أي أنه قلقي- ويحمل في الوقت نفسه صفات الشقيقة، أو ما يعرف بالصداع النصفي، وطبيب الأعصاب سيفيدك كثيرا، فأرجو أن تذهب إلى المستشفى وتطلب مقابلة استشاري أمراض الأعصاب والصداع، وسيقدم لك -إن شاء الله- كل خدمة تساعدك في هذا الأمر.
أما عدم رغبتك في معاشرة الزوجة، فهو أيضا دليل على وجود قلق من النوع الاكتئابي.
إذا: هذا ما أنصحك به، ولا أرغب في وصف أي دواء لك قبل أن تقابل الدكتور، وأنا على ثقة تامة بأنه -إن شاء الله- سيفيدك كثيرا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.
وبالله التوفيق.