السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعاني من نتف الشعر منذ سبع سنوات، والتي كان بدايتها قطع الشعر من الأسفل، إلى أن تطور الأمر إلى نتف الشعر من جذوره، ونتيجة لهذا الأمر أصبحت أعاني من فراغات كثيرة في فروة الرأس، والمشكلة أني لم أتوقف عن هذه العادة السيئة، بل أنا مستمرة على هذا الفعل حتى كتابة هذه الرسالة.
حاولت بشتى الوسائل المتاحة لي التوقف عن ذلك، ولكن عجزت عن حل هذا الأمر، ولعلي أذكر بعضها فيما يلي: تغطية الشعر، تزييت الشعر، شغل اليد بأمور لا أستطيع معها قطعه، وغير ذلك، المهم أني حاولت ولم أنجح، تقطيعي لشعري أصبح في كل لحظة، وأصبحت أصاب بالقلق من أن أصاب بالصلع الذي ربما أني قاربته، والخوف من رؤية الناس لي، أو رؤيتهم لفروة رأسي، أصبحت أظن أن ما أصاب شعري حسدا؛ نظرا لما كان عليه شعري سابقا؛ فقد كان الناس يتعجبون من كثرته.
وشكرا جزيلا لكم على فتح الباب لمثل هذه الاستشارات، وأسأل الله العلي العظيم أن يجعلها في ميزان حسناتكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن نزع ونتف الشعر علة نفسية معروفة، تكون مصاحبة لوجود قلق نفسي، والقلق النفسي قد يظهر بكل شكلياته، ومكوناته، وأعراضه، وسماته، بصورة واضحة جدا، أو ربما يكون نوعا من القلق الداخلي، وفي هذه الحالة نسميه بالقلق المقنع.
وقد لجأ علماء النفس إلى تشخيص حالات نتف الشعر، على أنها نوع من الوساوس القهرية، والوساوس القهرية في حد ذاتها هي نوع من القلق النفسي، وقد تأخذ الطابع الرتيب، والروتيني، والطقوسي -أي المتكرر-، وأعتقد أن هذا التفسير مقبول وجيد، وحين نضع خطط العلاج على أن هذه الحالة هي حالة وسواسية، قلقية، مكتسبة، هذا يؤدي في نهاية الأمر إلى نتائج علاجية جيدة جدا.
فيما يخص الإصابة بالعين والحسد: فلا شك أننا نعترف ونؤمن بذلك تماما، ولكننا لا ننصح أبدا بالإسراف والانشغال في هذا الأمر كثيرا، والمطلوب فقط هو الأخذ بالرقية الشرعية، والحرص على الأذكار، وكذلك التوكل على الله، واليقين القاطع بأن الله خير حافظ، وهذا من وجهة نظري يكفي تماما؛ لأن الحسد -أو العين حتى- وإن أصيب بها الإنسان، فقد وجد أن الانشغال التام بذلك يزيد كثيرا من قلق الإنسان، ويؤدي إلى تعقيدات في أعراضه، وربما إلى نتائج علاجية غير مرضية.
الذي أنصحك به الآن هو:
1- الرقية الشرعية.
2- معرفة أن حالتك هي مجرد نوع من القلق الوسواسي.
3- السعي وباجتهاد للتعبير عن الذات؛ لأن الاحتقانات النفسية التي تنتج من الكتمان تتحول إلى قلق، وهذا يجعل الإنسان يفرغ عن ذاته وعن نفسه تفريغا خاطئا، كاللجوء إلى نتف الشعر مثلا، فأرجو أن تكوني معبرة عن ذاتك، وقولي كل ما يجيش في داخل نفسك، ولكن سيكون من المفضل والمحبذ أن تعبري عما في داخل نفسك في حدود الذوق، وما هو مقبول؛ لأن التفريغ النفسي علاج جيد وممتاز.
4- أرجو أن تنظري إلى نفسك بصورة إيجابية، كوني هذا التصور الإيجابي عن نفسك؛ فأنت في ريعان شبابك، ولا شك أنك قد أنجزت الكثير، وأمامك الكثير، وسيكون المستقبل مشرقا -بإذن الله-.
5- أنصحك بأن تديري وقتك بصورة جيدة، وألا تتركي فراغا يملؤه القلق، ونحن نعرف أن الواجبات أكثر من الأوقات، وهنالك أشياء كثيرة جدا يمكن أن يقوم بها الإنسان، عليك بالنشاطات المختلفة، وعليك بالاطلاع والتواصل الاجتماعي، وممارسة الرياضة، والالتزام بالعبادة، والترفيه عن النفس، وهذا كله -إن شاء الله- يجعل الإنسان يحس بالرضا، والراحة النفسية.
6- هناك علاجات سلوكية معينة، وجد أنها تفيد في علاج هذه الحالة، منها ممارسة تمارين الاسترخاء، وهناك أشرطة وكتيبات كثيرة جدا يمكنك الحصول عليها من أحد المكتبات، أو يمكنك التدرب على يد أخصائية نفسية لتطبيق تمارين الاسترخاء بصورة صحيحة.
7- من أهم أنواع العلاج السلوكي هو ما نسميه بالتعريض، مع منع الاستجابة، وهذا يطبق بأن تجلسي في مكان هادئ، وارفعي يدك وضعيها على رأسك، وضعي شعرا بين أصابعك كأنك تريدين أن تنزعيه، وأنت في قمة التفكير، والتركيز، والتأمل، قومي بسحب يدك دون أن تنزعي الشعر، وبعد ذلك قومي بالضرب على يدك، حتى تحسي بالألم.
الهدف هنا: هو أن تربطي ما بين الفعل الوسواسي المفضل بالنسبة لك وهو نتف الشعر، وإدخال استشعار مخالف، وهو في هذه الحالة إيقاع الألم على الذات، هذا التمرين يمكن أن يطبق بصورة أخرى؛ فمثلا يمكنك أن تضعي في يدك أحد الأربطة المطاطية، مثل التي تستعمل لربط الأوراق المالية، ضعي هذا الرباط المطاطي على الرسغ، وقومي بالتأمل، والتفكير في نزع ونتف الشعر، ويمكنك أن تضعي يدك مثلا على شعر رأسك، وفي هذه اللحظة قومي بالسحب لهذا الرباط المطاطي حتى تحسي بألم شديد، كرري هذا التمرين عدة مرات، وكما تلاحظين فإن الربط بين الفعل الوسواسي، وإدخال استشعار منفر ومقزز (وهو إيقاع الألم على النفس) من التمارين الجيدة جدا.
وأما فيما يخص العلاج الدوائي: وجد أن هنالك أدوية معينة تستعمل أصلا في علاج القلق، والتوتر، والاكتئاب، وكذلك الوساوس القهرية، وقد وجد أنها مفيدة جدا للتخفيف من هذه الحالات، وكذلك للمساعدة في ممارسة العلاج السلوكي، والدواء الذي أنصحك بتناوله يعرف تجاريا باسم: (فافرين Faverin)، ويعرف علميا باسم: (فلوفكسمين Fluvoxamine)، أرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة خمسين مليجراما ليلا، يفضل تناوله بعد الأكل، استمري على هذه الجرعة لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى مائة مليجرام، واستمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضي الجرعة إلى خمسين مليجراما ليلا، واستمري عليها لمدة شهرين، ثم توقفي عن تناول الدواء، وأرجو أن أؤكد لك تماما أن الدواء من الأدوية السليمة، وغير الإدمانية، ولا يؤثر أبدا على الهرمونات النسوية.
وإذا أردت المزيد من الاطلاع عن حالتك، فهي تسمى باللغة الإنجليزية: (Triticolomamia)، هذا إذا أردت المزيد من الاطلاع على الحالة كما ذكرت لك، ونتائج العلاج ستكون رائعة -بإذن الله-، فقط عليك بالالتزام، وعليك أن تبني صورة إيجابية عن ذاتك، وختاما نشكرك على تواصلك وثقتك في إسلام ويب، وأسأل الله لك الشفاء والعافية.
وبالله التوفيق.