تفسير آية ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم...) وواقع المسلمين المعاصر

0 500

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاتهوبعد .. عند تصفحي للفتوى المتعلقة بالهجرة - رقم 2007 - أود استفسارا و توضيحا أكثر في هذا الموضوع :* ما تفسيسر قوله تعالى " ألم تكن أرضي واسعة فتهاجروا فيها..."؟* إذا علمنا أن أغلب الدول العربية والإسلامية حكوماتها تظطهد مواطنيها وتسلب حقوقهم المادية والمعنوية و حتى التضييق في الشعائر الدينية ، و أن الدول الغربية - الكافرة - تصبح منبرا حرا للتعبير والمساواة . ماتعليقكم على هذا و جازاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ‏

فقد جاء في تفسير الآية المذكورة ما رواه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أن ناسا ‏من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سواد المشركين على عهد رسول الله صلى الله ‏عليه وسلم فيأتي السهم فيرمى به، فيصيب أحدهم فيقتله أو يضرب فيقتل، فأنزل الله ( إن ‏الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم) انتهى.
وقال ابن كثير في تفسيره نقلا عن الضحاك ‏‏-: هذه الآية الكريمة عامة في كل من أقام بين ظهراني المشركين وهو قادر على الهجرة ‏وليس متمكنا من إقامة الدين، فهو ظالم لنفسه مرتكب حراما بالإجماع وبنص الآية، ‏حيث يقول الله تعالى: ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ) أي بترك الهجرة: (قالوا ‏فيم كنتم) أي لما مكثتم هاهنا وتركتم الهجرة (قالوا كنا مستضعفين في الأرض) أي لا ‏نقدر على الخروج من البلد ولا الذهاب في الأرض ( قالوا ألم تكن أرض الله ‏واسعة…الآية) انتهى. قال القرطبي: يفيد هذا السؤال والجواب أنهم كانوا مسلمين ظالمين ‏لأنفسهم في تركهم الهجرة، وإلا فلو ماتوا كافرين لم يقل لهم شيء من هذا.‏
هذا وإن كانت الآية فيمن لم يتمكن من إظهار دينه بين الكفار، إلا أن فيها دلالة على أنه ‏ينبغي الهجرة من البلد الذي يغلب عليه الكفر والمعاصي إلى غيره مما لا يوجد به ذلك. ‏قال القرطبي: ( وفي هذه الآية دليل على هجران الأرض التي يعمل فيها بالمعاصي، وقال ‏سعيد بن جبير إذا عمل بالمعاصي في أرض فاخرج منها وتلا ( ألم تكن أرض الله واسعة ‏فتهاجروا فيها) انتهى. وقال الشوكاني ( وقد استدل بهذه الآية على أن الهجرة واجبة على ‏كل من كان بدار الشرك أو دار يعمل فيها بمعاصي الله جهارا، إذا كان قادرا على ‏الهجرة، ولم يكن من المستضعفين) انتهى.
أما إذا اضطهد المسلم في بلده وخاف على دينه فعليه أن يهاجر منه إلى بلد يأمن فيه على ‏نفسه ودينه، فإن وجد من بلاد الإسلام فذاك، وإلا جازت له الهجرة إلى بلاد الكفر ‏بشرط أن يأمن فيها على دينه ونفسه.‏
والله أعلم.‏

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات