الأولى بالتقديم في الإمامة

0 324

السؤال

أيهما أولى بالإمامة؟ طالب علم حافظ للقرآن بقراءة مصره فقط أم حافظ للقرآن بالقراءات العشر ولكنه ليس طالب علم.

الإجابــة

خلاصة الفتوى

من كان له علم بالسنة والفقه ولديه من القراءة ما يقيم به صلاته مقدم في إمامة الصلاة على القارئ بالقراءات بالعشر من غير فقه.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان طالب العلم له علم بالسنة والفقه وله من القراءة ما يقيم به صلاته فهو أولى بالإمامة من القارئ بالقراءات العشر فقط من غير فقه ولا علم، هذا مذهب جمهور أهل العلم من المالكية والشافعية والحنفية.

 قال ابن قدامة في المغنى: ويؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى لا خلاف في التقديم بالقراءة والفقه على غيرهما. واختلف في أيهما يقدم على صاحبه؟ فمذهب أحمد، رحمه الله، تقديم القارئ. وبهذا قال ابن سيرين، والثوري، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وقال عطاء، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور: يؤمهم أفقههم إذا كان يقرأ ما يكفي في الصلاة ; لأنه قد ينوبه في الصلاة ما لا يدري ما يفعل فيه إلا بالفقه، فيكون أولى، كالإمامة الكبرى والحكم. ولنا ما روى أوس بن ضمرة، عن أبي مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا.  أو قال: " سلما ". وروى أبو سعيد، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:  إذا اجتمع ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم. رواهما مسلم.

وفي المهذب للشيرازي الشافعي: وإن زاد أحدهما في الفقه وزاد الآخر في القراءة فالأفقه أولى ; لأنه ربما حدث في الصلاة حادثة يحتاج إلى الاجتهاد. انتهى

 وفي المنتقى للباجي: وقد اختلف الفقهاء فيمن هو أحق بالإمامة فذهب مالك والأوزاعي وأبو حنيفة والشافعي إلى أن أحقهم بالإمامة أفضلهم وإن اختلفت عباراتهم فقال مالك يؤم القوم أفقههم إذا كانت له حال حسنة قال ابن حبيب ولا يكون عالما حتى يكون قارئا وقال الثوري يؤم القوم أقرؤهم وقال أصحاب الظاهر يؤم القوم أكبرهم ومعنى الخلاف عندي أن يكون أحد الرجلين فقيها عالما ويقرأ من القرآن ما يقيم به صلاته ولا يقرؤه كله ويكون الآخر قارئا لجميع القرآن حسن التلاوة ويعلم إقامة الصلاة على وجههاإلا أنه لا يفقه في أحكامها ولا يعلم دقائق أحكام السهو فيها فيكون أحقهما الفقيه إذا كانت له حال حسنة والدليل على ذلك تقديم النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر لما كان أعلم الصحابة وأفضلهم وإن كان فيهم من هو أقرأ منه وقد قال عمر أبي أقرؤنا ودليلنا من جهة المعنى أن المقدار الذي تفتقر إليه الصلاة من القراءة قد استويا فيه والصلاة لا يؤمن أن يطرأ فيها على الإمام ما لا يعلم حكمه القارئ فيفسدها لأن ذلك مما ينفرد به الفقيه. انتهى

وفي المبسوط للسرخسي الحنفي: والأصح أن الأعلم بالسنة إذا كان يعلم من القرآن مقدار ما تجوز به الصلاة فهو أولى ; لأن القراءة يحتاج إليها في ركن واحد والعلم يحتاج إليه في جميع الصلاة والخطأ المفسد للصلاة في القراءة لا يعرف إلا بالعلم، وإنما قدم الأقرأ في الحديث ; لأنهم كانوا في ذلك الوقت يتعلمون القرآن بأحكامه على ما روي أن عمر رضي الله تعالى عنه حفظ سورة البقرة في ثنتي عشرة سنة، فالأقرأ منهم يكون أعلم، فأما في زماننا فقد يكون الرجل ماهرا في القرآن ولا حظ له في العلم فالأعلم بالسنة أولى إلا أن يكون ممن يطعن عليه في دينه فحينئذ لا يقدم ; لأن الناس لا يرغبون في الاقتداء به. انتهى.

والله أعلم.

 

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة