أخذ الأب مهر ابنته وهل لها أخذه بغيرعلمه إن ظفرت به

0 347

السؤال

توفيت والدتي رحمها الله في حادث سيارة واستلم أبي مبلغا من المال ديتها وأخذه كله ولم يعطنا أنا وإخوتي حتى القصر منهم ولا قليل منه وتصرف فيه جميعه وتقدم لخطبتي ابن خالتي وكان أبي غير راض عن زواجي منه لأنه كان يريد تزويجي من أحد أولاد عمي وكنت رافضة ذلك ولما أصررت على الزواج من ابن خالتي طلب منه مبلغا كبيرا من المال وألزمه بتكاليف الزواج كاملة وكان ابن خالتي متمسكا بي فوافق على شروط أبي التعجيزية جميعها واستدان مبالغ كبيرة من المال للقيام بهذه الشروط المهم في الموضوع أن أبي أخذ مهري كله ولم يعطني ولو مبلغا بسيطا من المال علما بأن العرف في بلدنا أن تعطى يتيمة الأم أو الأب مهرها كله المهم حزنت لذلك حزنا شديدا حيث كنت مقتنعة بأن هذا المهر من حقي وبعد زواجي بسنة تقريبا جاءت فرصة بأن وضع أبي مبلغا كبيرا من المال في المنزل وكان يصرف منه بشكل يومي فقمت بأخذ مبلغ يوازي تقريبا المبلغ الذي أخذه أبي وهو مهري دون علم والدي وقمت بشراء ذهب بهذا المال وعشت في بيت أبي مدة من الزمن كان أبي خلالها يقصر كثيرا في الإنفاق على إخوتي خصوصا بعد زواجه وكنت أنا وزوجي نقوم بمساعدتهم على طول المدة وحتى الآن بعد خروجنا من المنزل أنا وإخوتي بعد حدوث مشاكل كبيرة مع زوجة الأب المهم أريد معرفة إذا ما كانت هذه الفلوس التي أخذتها من والدي من حقي أم لا ؟ وإذا كان يجب علي إعادتها لوالدي فهل يمكن صرفها على إخوتي أو مساعدتهم بها في حياتهم لأن والدي دائما مقصر معهم أرجو أن تفيدوني لإبراء ذمتي وجزاكم الله ألف خير.

الإجابــة

 خلاصة الفتوى:

ليس من حق الوالد حرمان أبنائه من الإرث، ولا الاستيلاء على أموالهم بغير حق. وله أن يأخذ من أموالهم ما هو بحاجة إليه. ومن حق من أخذ منه الأب شيئا من ماله بغير حق أن يسترجعه منه إذا ظفر به. وإذا أخذ الابن أكثر من حقه وجب عليه رد الزائد إلى الأب، وليس له صرفه على الأبناء؛ لأن نفقتهم قد تكون ساقطة عن الأب.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فليس من شك في أن ما ذكرته عن أبيك من حرمانك وإخوتك من الميراث، واستيلائه على مهرك، وتقصيره في الإنفاق على أولاده... كلها أمور لا تشرع له في الأحوال العادية.

ولكن في المقابل ينبغي التنبيه إلى أن الوالد إن كان محتاجا فله أن يأخذ من مال ولده بقدر حاجته، لما روى الحاكم والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أولادكم هبة الله لكم، يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور، فهم وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وقال الذهبي في التلخيص: على شرط البخاري ومسلم.

كما أن على الولد أن يحسن إلى والده وإن كان الوالد مسيئا؛ لأن رضا الوالد سبب لرضا الله تعالى عنه، وسخطه سبب لسخط الله تعالى عليه. قال النبي صلى الله عليه وسلم: رضا الله من رضا الوالد وسخط الله في سخط الوالد. رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.

وفيما يخص ما ذكرته عن الفلوس التي أخذتها من مال أبيك دون علمه، وما إذا كان عليك أن ترديها أم لا، فإن الجواب على ذلك يتوقف على معرفة ما إذا كان من حق أبيك أن يأخذ شيئا من مالك لكونه محتاجا أو لكونه يصرف ذلك عليك وعلى إخوتك، أو لكونه قد جهز لك منه بيت الزوجية أو غير ذلك... أم أن ذلك ليس من حقه.

فإذا كان أخذ المال بغير حق، أو أخذ منه أكثر مما له الحق فيه، فمن حقك استرجاع ما زاد على حقه منه.

وإذا تقرر حقك في استرجاع المال منه، فلك أن تسترجعيه متى ظفرت به. وقد بينا من قبل مذاهب العلماء فيمن ظفر بحقه ممن ظلمه، ولك أن تراجعي فيها فتوانا رقم: 28871.

وأما إذا قلنا بعدم استحقاقك لهذه الفلوس فإن عليك أن ترجعيها للوالد، أو ترجعي له منها ما ليس لك فيه حق.

والأحوط أن ترجعيها إليه مباشرة، ولكن لا يلزم التصريح له بأنك كنت قد أخذتها من ماله.

وأما صرفها على إخوتك فإن القول به يتوقف على معرفة ما إذا كانت نفقتهم تلزم الوالد أم لا، وما إذا كان الذي تصرف فيه هو مما يلزم الوالد أم لا.

وأخيرا نوصيك بالبر بأبيك والإحسان إليه، وعدم مؤاخذته في أية إساءة؛ فإن حقه عليك عظيم.

والله أعلم.

 

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة