الفاجر ليس كفئا للمرأة الصالحة

0 205

السؤال

تقدم شاب مهنته الحلاقة إلى فتاة قصد الزواج، إلا أنه يتعاطى الخمر، والمخدرات، وأهل الفتاة رفضوه، لكن الفتاة قبلت به، وظلت تضغط على أبيها وأخواتها بمساعدة أمها للموافقة، بحجة:
1 - أنه تاب من معاصيه، بالإضافة إلى أنه يصلي.
2 - أنه قبل بها رغم إصابتها بمرض جلدي (البرص).
3 - أنها متقدمة في السن 35 سنة.
وجد الأب نفسه مجبرا على القبول، فطلب من الشاب أن يهيئ نفسه للزواج، ثم ليكن ما أراده الله، إلا أنه بعد مدة اتضح أن هذا الأخير لم يتوقف عن شرب الخمر، وتعاطي الحشيش، ومعاشرته رفاق السوء، كما تورط في علاقة غير شرعية مع فتاة، أدخل على إثرها السجن.
ومن جهة أخرى: تدخل سكان الحي، والجيران، وحذروا والد الفتاة من قبوله الارتباط بهذا الشاب السكير.
المشكلة -يا شيخنا الكريم- هي: تشبث هذه الفتاة المتدينة الطيبة بهذا الشاب، والتي تقول: إنها قادرة على أن تصلحه، وتعيده إلى الطريق السوي، وأخوها البكر يذكرها دائما بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم من ترضون دينه، وخلقه، فزوجوه"، فما رأي الدين في الموضوع؟ وبماذا تنصحون الأب والفتاة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فينبغي لولي المرأة أن يتخير لها زوجا صالحا، يرضى دينه، وخلقه؛ ليكون مأمونا عليها؛ حيث إن الزوج هو الذي بيده القوامة؛ لقول الله تعالى: الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم {النساء:34}. 

فإذا لم يكن الزوج صالحا؛ فإن زواج المرأة منه تضييع لمصالحها الدنيوية، والأخروية، ففي شرح السنة للإمام البغوي: أن الحسن البصري أتاه رجل، فقال: إن لي بنتا أحبها، وقد خطبها غير واحد، فمن تشير علي أن أزوجها؟ قال: زوجها رجلا يتقي الله، فإنه إن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها

كما أن على الولي أن يزوجها من كفء لها، والراجح في الكفاءة المشترطة للنكاح أنها الدين، فليس الفاجر كفئا للعفيفة.

 فمما سبق يتبين أن ولي هذه الفتاة أخطأ حين قبل لها هذا الزوج، الذي لا يرضى دينه، ولا خلقه.

وعليه أن يرد تلك الخطبة، ولا يبالي بإلحاح ابنته، أو زوجته؛ لأنه لا خير للفتاة في زواجها من هذا الشاب الفاسد.

والنصيحة لهذه الفتاة أن تترك هذا الشاب، بلا تردد، ولا تتعلل بقولها: (إنها قادرة على إصلاحه)؛ فإن ذلك ليس إلى إرادتها وحدها، بل أمره إلى الله، وقد قال تعالى: إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين {القصص:56}.

وربما كان ضرر بقائها بلا زوج رغم تقدم سنها، أهون بكثير من ضرر زواجها بمن لا يرعى حدود الله، ولا يتخلق بالخلق الطيب، فتصير حياتها معه عناء، ومشقة؛ لما ينالها من الضرر، وينال أولادها، إن قدر لها أولاد، فنوصيها بالتعقل، والنظر في نهايات الأمور.

ولتعلم أن صبرها على ذلك ورضاها بما يقدره الله لها مع ما ذكر عنها من استقامتها، وحسن خلقها، فيه أجر عظيم، وفضل كبير، قال تعالى: واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين {هود:115}.

وعليها أن تحسن الظن بربها، وتتوكل عليه، وتدعوه أن يرزقها الزوج الصالح، والله قريب مجيب، قال تعالى: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون {البقرة:186}.

والله أعلم. 

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة