إعطاء الكافر من الزكاة.. رؤية شرعية

0 358

السؤال

والدي أسلم قبل 40 سنة والحمد لله ولكن أهله لم يسلموا أخواته وأمه وأبوه وقد كان يرسل لأمه وأبيه مالا من الزكاة باعتبارهم من المؤلفة قلوبهم وقد توفاهم الله دون أن يسلموا والآن يدفع الزكاة لأخواته غير المسلمات، فهل صحيح أنهم يدخلون في باب المؤلفة قلوبهم وهل تكون هذه الزكاة مجزئة؟

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

إذا لم توجد قرائن على أن قرابة أبيك يميلون إلى الإسلام فإن دفع الزكاة إليهم غير مجزئ وتجب إعادتها، وإذا كانت ثمت قرائن تفيد ميلهم إلى الإسلام فإن إعطاءهم حينئذ محل خلاف بين أهل العلم، والظاهر الإجزاء؛ ولكن الأولى تجنب إعطائهم في المستقبل خروجا من الخلاف.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالحمد لله الذي هدى أباك للإسلام، ونسأل الله لنا وله الثبات على الحق، والواجب أن يعلم أن الأصل المتفق عليه بين العلماء هو عدم جواز إعطاء الكافر من الزكاة.

قال ابن قدامة في المغني: لا نعلم بين أهل العلم خلافا في أن زكاة الأموال لا تعطى لكافر . قال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن الذمي لا يعطى من زكاة الأموال شيئا. ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ : أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم, وترد في فقرائهم. فخصهم بصرفها إلى فقرائهم (يعني : فقراء المسلمين) , كما خصهم بوجوبها على أغنيائهم. انتهى .

وخص من هذا العموم صنف واحد هم المؤلفة قلوبهم؛ لقوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم. {التوبة:60}.

 والجمهور على أن سهم المؤلفة باق خلافا للحنفية، والشافعية لا يجوزن إعطاء الزكاة للكافر أصلا والمؤلفة عندهم هم ضعاف الإيمان يعطون ليقوى إيمانهم، وعند المالكية والحنابلة أن إعطاء الكفار جائز، وأكثرهم يشترطون أن يكونوا رؤساء مطاعين في أقوامهم بحيث تحصل للإسلام مصلحة راجحة بتأليفهم، وأجاز بعضهم دفع الزكاة للواحد المعين من الكفار ولو لم يكن رئيسا مطاعا إذا كان يرجى إسلامه.

والعلة فيه أن حفظ الدين وإحياء القلب أولى من حفظ الصحة وإحياء البدن.

 لكن ينبغي أن ينتبه إلى أمر مهم هو أن هذا المؤلف لا بد من أن يكون يرجى إسلامه فعلا ، بأن توجد قرائن ظاهرة تدل على ذلك.

 قال العلامة العثيمين: وعلم من قوله: يرجى إسلامه،أن من لا يرجى إسلامه من الكفار فإنه لا يعطى أملا في إسلامه، بل لا بد أن تكون هناك قرائن توجب لنا رجاء إسلامه، مثل أن نعرف أنه يميل إلى المسلمين، أو أنه يطلب كتبا أو ما أشبه ذلك، والرجاء لا يكون إلا على أساس؛ لأن الراجي للشيء بلا أساس إنما هو متخيل في نفسه. انتهى.

والخلاصة: أن والدك حين دفع الزكاة إلى أقاربه الكفار لا يخلو من أمرين :

أولهما : أن يكون تساهل في دفعها إليهم دون وجود قرائن ظاهرة تدل على ميلهم إلى الإسلام فهذه الزكاة لا تجزئه قطعا، ويجب عليه إعادة إخراجها.

ثانيهما: أن يكون دفعها إليهم مع وجود قرائن ظاهرة تدل على ميلهم إلى الإسلام ففي هذه المسألة الخلاف المشار إليه، والظاهر أن الزكاة والحال هذه قد أجزأته لأن المسألة اجتهادية فلا يلزمه إعادة إخراجها .

وأما بالنسبة لدفع الزكاة إليهم فيما يستقبل فإن كان ممن لا يرجى إسلامهم لعدم وجود قرائن ظاهرة تدل على ميلهم إلى الإسلام فلا يجوز دفع الزكاة إليهم يقينا لأنهم ليسوا من المؤلفة قلوبهم، وأما إن وجدت هذه القرائن والتي تقدم ذكر بعضها في كلام الشيخ العثيمين ففي كونهم من المؤلفة قلوبهم الخلاف المشار إليه، والأحوط عدم دفع الزكاة إليهم خروجا من الخلاف ، وأن تعينوهم وتبروهم بالصدقة والهدية ونحو ذلك فباب ذلك واسع .

والله أعلم. 

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة