تفسير قوله تعالى (والقواعد من النساء...)

0 709

السؤال

ما حكم النساء كبار السن اللواتي يسمين أنفسهن القواعد ومن هن القواعد وهل صحيح أنه يحق لهؤلاء النساء خلع الحجاب عن رؤوسهن بحجة أنهن من القواعد؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن الله تعالى يقول: (والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم) [النور:60]
والقواعد جمع قاعد، وهي المرأة التي بلغت من السن مبلغا يجعلها لا تشتهي، ولا تشتهى، ففي تفسير القرطبي: قال ربيعة: هي التي إذا رأيتها تستقذرها من كبرها. وقال أبو عبيدة: اللاتي قعدن عن الولد، وليس ذلك بمستقيم لأن المراة تقعد عن الولد وفيها مستمتع، قاله المهدوي. انتهى.
وقال الرازي: قال المفسرون: هن اللواتي قعدن عن الحيض والولد من الكبر، ولا مطمع لهن في الأزواج، والأولى ألا يعتبر قعودهن عن الحيض، لأن ذلك ينقطع والرغبة فيهن باقية، فالمراد قعودهن عن حال الزوج، وذلك لا يكون إلا إذا بلغن في السن بحيث لا يرغب فيهن الرجال. انتهى.
والمراد بالثياب في قوله (أن يضعن ثيابهن) هو الثياب الظاهرة -العباءة والجلباب-وليس المراد كشف العورات، قال الألوسي: يعني الثياب الظاهرة التي لا يفضي وضعها لكشف العورة كالجلباب والرداء والقناع الذي فوق الخمار. وأخرج ابن المنذر عن ميمون بن مهران أنه قال في مصحف ابن مسعود وأبي بن كعب (أن يضعن جلابيبهن) وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود وابن عباس أنهما كانا يقرآان كذلك. انتهى.
قال الجصاص في تفسيره: (لا خلاف في أن شعر العجوز عورة لا يجوز للأجنبي النظر إليه كشعر الشابة، وأنها إن صلت مكشوفة الرأس كانت كالشابة في فساد صلاتها، فغير جائز أن يكون المراد وضع الخمار بحضرة الأجنبي)
إلى أن قال: (وفي ذلك دليل على أنه إنما أباح للعجوز وضع ردائها بين يدي الرجال بعد أن تكون مغطاة الرأس، وأباح لها بذلك كشف وجهها ويدها لأنها لا تشتهى، وقال تعالى: (وأن يستعففن خير لهن) فأباح لها وضع الجلباب وأخبر أن الاستعفاف بأن لا تضع ثيابها أيضا بين يدي الرجال خير لها) انتهى.
ومعنى قوله: (غير متبرجات بزينة) غير مظهرات للزينة لينظر إليهن. قال ابن العربي في أحكام القرآن: أي غير مظهرات لما يتطلع إليه منهن، ولا متعرضات بالتزين للنظر إليهن، وإن كن ليس بمحل ذلك منهن، وإنما خص القواعد دون غيرهن لانصراف النفوس عنهن" انتهى.
ومعنى قوله: (وأن يستعففن خير لهن) أي أن يستعففن كما تستعفف الشواب، فيتركن الأخذ بهذه الرخصة خير لهن. قال القرطبي: واستعفافهن عن وضع الثياب والتزامهن ما يلزم الشواب أفضل لهن وخير.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات