0 280

السؤال

 تبرع أحد المشايخ في موريتانيا بعمامته لجهة خيرية، فعرضتها في مزاد علني؛ حتى وصل ثمنها إلى مليوني أوقية، فبيعت بذلك، فما الوجه الشرعي لهذه المعاملة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:

فهذه المعاملة داخلة في بيع المزايدة، أو ما يسمى بالبيع على المزاد العلني، وهي جائزة بشروطها، جاء في الموسوعة الفقهية: واستثنى الفقهاء بيع المزايدة بالمناداة، ويسمى: بيع الدلالة، ويسمى أيضا: المزايدة. استثنوها من الشراء على الشراء، ومن السوم على سوم أخيه. وهي: أن ينادى على السلعة، ويزيد الناس فيها بعضهم على بعض؛ حتى تقف على آخر زائد فيها، فيأخذها.

وهذا بيع جائز بإجماع المسلمين، كما صرح به الحنابلة، فصححوه، ولم يكرهوه، وقيده الشافعية بأمرين: أن لا يكون فيه قصد الإضرار بأحد، وبإرادة الشراء، وإلا حرمت الزيادة؛ لأنها من النجش. انتهى.

والأصل في بيع المزايدة حديث أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم باع حلسا وقدحا، وقال: من يشتري هذا الحلس والقدح، فقال رجل: أخذتهما بدرهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من يزيد على درهم، من يزيد على درهم؟، فأعطاه رجل درهمين: فباعهما منه. أخرجه الإمام أحمد في المسند، والترمذي في السنن، وقال الترمذي: هذا حديث حسن، لا نعرفه إلا من حديث الأخضر بن عجلان، وعبد الله الحنفي الذي روى عن أنس هو أبو بكر الحنفي، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم: لم يروا بأسا ببيع من يزيد في الغنائم والمواريث. وقد روى المعتمر بن سليمان، وغير واحد من كبار الناس، عن الأخضر بن عجلان هذا الحديث. انتهى.

وللحديث قصة جميلة رواها ابن ماجه في السنن.

وقال البخاري في صحيحه: باب بيع المزايدة. وقال عطاء: أدركت الناس لا يرون بأسا ببيع المغانم فيمن يزيد. انتهى.

قال الحافظ ابن حجر في الفتح: وورد في البيع فيمن يزيد، حديث أنس أنه صلى الله عليه وسلم باع حلسا وقدحا، وقال: من يشتري هذا الحلس والقدح؟ فقال رجل: أخذتهما بدرهم. فقال: من يزيد على درهم؟ فأعطاه رجل درهمين، فباعهما منه. أخرجه أحمد، وأصحاب السنن مطولا ومختصرا...انتهى.

وهذا الحديث تكلم بعض أهل العلم في سنده، ولكن العمل عليه عندهم كما رأيت في الأثر الذي ذكره البخاري عن عطاء تعليقا، وذكر الترمذي مثله.

وقال ابن قدامة في المغني: وهذا أيضا إجماع المسلمين، يبيعون في أسواقهم بالمزايدة. اهـ.

والبائع يجوز له أن يبيع سلعته بما شاء، ويربح فيها ما شاء إذا لم يكن في ذلك غش، أو تدليس على المشتري، وانظر الفتويين: 108071، 33215.

وبناء على ما سبق؛ فهذه المعاملة جائزة لا حرج فيها، خاصة أن المشاركين فيها لم يكن قصدهم محض المعاوضة، وإنما قصدوا المنافسة في التبرع في ذلك الوجه الخيري، فهي منافسة في الخير، يثاب كل فيها حسب قصده ونيته. 

 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة