جواب شبهة حول قوله تعالى (ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره)

0 305

السؤال

ذكر الله تعالى أنه من فعل مثقال ذرة شرا يره. هل يعني أن الله لن يغفر لنا ذنوبنا حتى إن تبنا وندمنا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن قبول التوبة المستجمعة لشروطها أمر مقطوع به، وهي موجبة لمغفرة الذنوب جميعا بفضل الله ورحمته، وقد وعد الله تعالى من يقترف أكبر الكبائر كالشرك والقتل والزنا، بأن يبدل سيئاتهم حسنات، إن هم تابوا وآمنوا وعملوا الصالحات، قال تعالى: والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا * إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما * ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا {الفرقان: 68-71}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم. رواه مسلم. وقد سبق بيان أن التوبة النصوح تمحو أثر كل الذنوب في الفتوى رقم: 16907.

أما علاقة قبول التوبة ومغفرة الذنوب بقوله تعالى: ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره {الزلزلة:8}، فقال العلامة الشنقيطي ـ رحمه الله ـ في (دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب): هذه الآية الكريمة تقتضي أن كل إنسان كافرا أو مسلما يجازى بالقليل من الخير والشر، وقد جاءت آيات أخر تدل على خلاف هذا العموم ... أما ما عمله المسلم من الشر فقد صرحت الآيات بعدم لزوم مؤاخذته به لاحتمال المغفرة أو لوعد الله بها، كقوله: {ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} وقوله: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم} إلى غير ذلك من الآيات، والجواب عن هذا من ثلاثة أوجه:

الأول: أن الآية من العام المخصوص، والمعنى: ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره إن لم يغفره الله له، بدليل آيات احتمال الغفران والوعد به.

الثاني: أن الآية على عمومها، وأن المؤمن يرى جزاء كل عمله السيئ في الدنيا بالمصائب والأمراض والآلام، ويدل لهذا ما أخرجه الطبراني في الأوسط والبيهقي في الشعب وابن أبي حاتم وجماعة عن أنس قال: بينا أبو بكر رضي الله عنه يأكل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ نزلت عليه {فمن يعمل مثقال ذرة} الآية فرفع أبو بكر يده وقال: يا رسول الله إني لراء ما عملت من مثقال ذرة من شر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر أرأيت ما ترى في الدنيا مما تكره فبمثاقيل ذر الشر. الحديث.

الوجه الثالث: أن الآية أيضا على عمومها وأن معناها أن المؤمن يرى كل ما قدم من خير وشر فيغفر الله له الشر ويثيبه بالخير اهـ.

والله أعلم.

 

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات