توضيح حول قوله تعالى (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه..)

0 285

السؤال

الألوان التى ذكرت فى القرآن فى سورة آل عمران هل معناها لغويا يقلل من اللون الأسود ولمن جاءت الألوان فى اللغة أصلا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلعل السائل يقصد قوله تعالى: يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون. {آل عمران:106}.

والبياض والسواد الذي يحصل يوم للقيامة للمؤمن والفاجر سببه ما يحصل للمؤمنين من الفرح والسرور بما أعطاهم الله تعالى، وما يحصل للفجار من الكفار والمبتدعة من الاكتئاب والهم والحزن حيث بدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون، وضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، فمن يفرح في العادة تظهر أمارات السرور والفرح على وجهة كما في البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان إذا سر استنار وجهه كأنه قطعة قمر.

وقد أخبر الله تعالى عن حال أهل الجاهلية إذا أتاهم ما لا يسرهم حصوله من ولادة البنات ظهر السواد على وجوهم كما قال تعالى: وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم. {النحل:58}.

وأخبر تعالى عن وجوه أهل الجنة أنها ناضرة، وأخبر عن وجوه الكفار أنها مسودة، كما قال تعالى: وجوه يومئذ ناضرة*إلى ربها ناظرة*تظن أن يفعل بها فاقرة. {القيامة:،24،23،22}.

 وقال تعالى:  تعرف في وجوههم نضرة النعيم. {المطففين:24}.

وقال تعالى: ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين.{الزمر:60}.

وقال تعالى: وجوه يومئذ مسفرةضاحكة مستبشرة*ووجوه يومئذ عليها غبرة*ترهقها قترة*أولئك هم الكفرة الفجرة. { عبس:41،40،39،38}.

واعلم أن بياض الوجوه وسوادها في الدنيا لا يدل على الفضل أو عدمه، فالفاضل بالإيمان والتقوى ولا فضل لأبيض على أسود إلا بالتقى كما قال الله تعالى: إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير. {الحجرات:13}.

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قيل يا رسول الله من أكرم الناس ؟ قال: أتقاهم.

وفي الحديث  عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوسط أيام التشريق خطبة الوداع فقال: يا أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى، إن أكرمكم عند الله أتقاكم . رواه البيهقي وقال الألباني في صحيح الترغيب: صحيح لغيره.

ثم إن اللون الأبيض الطبيعي يفضل أحيانا على الأسود، فيفضل في اللباس مثلا الأبيض على الأسود مع أن الأسود جائز كما يدل له الحديث :  البسوا من ثيابكم البياض فإنها خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم. رواه أحمد وغيره وصححه الأرناؤوط.

وقد ثبت في النصوص ما يدل على  تفضيل اللون الأبيض المعتدل على غيره، ويدل على فضل البياض وصف أهل الجنة بالبياض فيما رواه الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه واللفظ  للبخاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر ثم الذين يلونهم على أشد كوكب دري في السماء إضاءة.

ولا شك أن أهل الجنة يدخلونها على أكمل صورة وأتمها وهذا البياض الذي وصف به أهل الجنة يكون للمؤمن ولو كان لونه في الدنيا أسود.

وراجع الفتوى رقم: 63920 .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات