الإسقاط النجمي ضرب من التقول بلا برهان

0 1342

السؤال

معنى الإسقاط النجمي: هو خروج الروح من الجسد الأثير وتجولها فى الأماكن، فهل هذا حلال شرعا أم حرام؟. وأرجو الرد بسرعة، لأن الشباب كلهم جذب هذا الموضوع عقولهم، وأرجو الأدلة من القرآن والسنة على التحليل أو التحريم.

الإجابــة

 

 الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالإسقاط النجمي ـ كما يصفه المشتغلون به هو: عملية ترتكز على فرضية وجود جسد ثان للإنسان من إشعاع، والإسقاط النجمي يتمثل بخروج هذا الجسد الإشعاعي وانفصاله عن الجسد المادي، ويحدث ذلك في ظروف معينة دقيقة أهمها أن يبلغ الإنسان حالة ما بين الوعي والغفوة. 

وهذا الأمر الذي يذكرونه ضرب من التخرص والتقول بلا برهان، وقد قال تعالى: ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا {الإسراء : 36}.

قال السعدي: أي: ولا تتبع ما ليس لك به علم، بل تثبت في كل ما تقوله وتفعله، فلا تظن ذلك يذهب لا لك ولا عليك. انتهى

وذكر ابن كثير أقوال المفسرين في هذه الآية ثم قال: مضمون ما ذكروه أن الله تعالى نهى عن القول بلا علم، بل بالظن الذي هو التوهم والخيال، كما قال تعالى: اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم { الحجرات: 12 }.

 وفي الحديث: إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث.

وفي سنن أبي داود: بئس مطية الرجل زعموا.

وفي الحديث الآخر: إن أفرى الفرى أن يري عينيه ما لم تريا.

وفي الصحيح: من تحلم حلما كلف يوم القيامة أن يعقد بين شعيرتين، وليس بعاقد.انتهى

ويحسن بنا هنا أن ننقل للسائل جواب الدكتورة فوز بنت عبد اللطيف كردي ـ أستاذة العقيدة والأديان والمذاهب المعاصرة بكلية التربية للبنات بجدة ـ على السؤال التالي: هل الجسم الأثيري له أصل في الشرع أم أنه مجرد توقعات أو سحر وخزعبلات؟.

فكان الجواب: بالنسبة للجسم الأثيري فهو أولا : قول مبني على نظرية قديمة تفترض وجود مادة الأثير، وهي مادة مطلقة قوية غير مرئية تملأ الفراغ في الكون سماها أرسطو العنصر الخامس وعدها عنصرا ساميا شريفا ثابتا غير قابل للتغيير والفساد، وقد أثبت العلم الحديث عدم وجود الأثير، ولكن الفلسفات القديمة المتعلقة بالأثير بقيت كما في الفلسفات المتعلقة بالعناصر الخمسة أو الأربعة .

ثانيا : قول تروج له حديثا التطبيقات الاستشفائية والتدريبية المستمدة من الفلسفة الشرقية، ومع أن التراث المعرفي المستمد من الوحي المعصوم بين أوضح البيان وغني كل الغنى بأصول ما يعرف الإنسان بنفسه وقواه الظاهرة و الخفية إلا أن عقدة المفتونين بالعقل والمهووسين بالغرب والشرق من المسلمين جعلتهم يلتمسون ذلك فيما شاع هناك باسم ـ الأبحاث الروحية ـ فنظروا إليها على أنها حقائق علمية أوخلاصة حضارة شرقية عريقة، وأعطوا لأباطيلها وتخرصات أهلها مالم يعطوا لمحكمات الكتاب وقواطع السنة، ومن ذلك القول بتعدد أجساد الإنسان، وقد يسمونها ـ الأبعاد ـ أو ـ الطاقات ـ للقطع بأنها اكتشافات علمية، وهذا القول حقيقته بعث لفلسفة الأجساد السبعة المعروفة في الأديان الشرقية ومفادها: أن النفس الإنسانية تتكون من عدة أجساد اختلفوا في عدها ما بين الخمسة إلى التسعة بحسب وجهات نظر فلسفية تتعلق بمعتقدهم في ألوهية الكواكب أو المؤثرات الخارجية والمتفق عليه من هذه الأجساد: الجسم البدني أو الأرضي، والجسم العاطفي، والجسم العقلي، والجسم الحيوي والجسم الأثيري، فالجسم البدني: هو الظاهر الذي نتعامل معه وتنعكس عليه حالات الأجساد الأخرى.

 والجسم الأثيري: هو أهم هذه الأجساد وأساس حياتها وهو منبع صحة الإنسان وروحانيته وسعادته، وقد سرى هذا المعتقد في أوساط المسلمين بعد أن عرض على أنه كشف علمي عبر التطبيقات الشرقية المروجة على شكل دورات تدريبية أو تمارين استشفائية مفتوحة لعامة الناس بعد أن كان هذا المعتقد غامضا محصورا في حجر تحضير الأرواح عند خبراء حركة الروحية الحديثة.

فالاعتقاد بالجسم الأثيري كالاعتقاد بالعقل الباطن وقوى النفس، إنما شاع ذكره عند من غفل عن حقائق الغيب ورام الوصول إليها من غير طريق الرسل، فأصل هذه المعتقدات مأخوذ من التراث المنقول في الديانات الوثنية الشرقية والمعتقدات السرية الباطنية، وكل تطبيقاتها الرياضية والعلاجية الحديثة تدعو إلى تطوير قوى هذا الجسد لتنمية الجنس البشري حيث يصبح بإمكان الإنسان في المستقبل فعل ماكان يعد خارقة في العصور الماضية، كأن يصبح صاحب لمسة علاجية أو قدرة على التنبؤ أو التأثير عن بعد وغير ذلك، دون أن يكون متنبئا أو كاهنا، ومن ثم لا يحتاج لأي مصدر خارج عن نفسه ويستغني عن فكرة الدين أو معتقد الألوهية ـ عياذا بالله. انتهى

وسئل الدكتور وهبة الزحيلي كما في موقعه: عن علوم ما وراء الطبيعة والخوارق حلال أو حرام، وذكر السائل من جمل ذلك: الخروج الأثيري عن الجسد فكان الجواب: هذه وسائل وهمية، وإن ترتب عليها ـ أحيانا ـ بعض النتائج الصحيحة‏،‏ ويحرم الاعتماد عليها وممارستها ـ سواء بالخيال أو الفعل‏ ـ‏ فإن مصدر العلم الغيبي هو الله وحده‏،‏ ومن اعتمد على هذه الشعوذات كفر بالله وبالوحي ‏ كما ثبت في صحاح الأحاديث النبوية الواردة في العراف والكاهن ونحوهما. انتهى

والله أعلم . 

 

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة