أدب المسلم عند سماع وتلاوة آيات الله

0 283

السؤال

ما حكم رجل ملتزم يشاهد قنوات تبث أعمال السحر والدجل ولا يهتم لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وعندما يقرأ القرآن ينزعج، ويغتاب الناس كثيرا؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يجوز تعمد مشاهدة برامج السحر والدجل ـ كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 36547 ـ وكذلك لا يجوز اغتياب المسلم ولا سماع غيبته، بل إن كل ذلك من كبائر الذنوب، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 122788.

وأما عدم الاهتمام بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، والانزعاج عند سماع القرآن: فإن لم يكن المرء مغلوبا على أمره بسحر أو نحوه، فهذه علامة شر مستطير وفساد كبير، وصاحبه يشبه من لا يؤمن بالآخرة ولا يرجو لله وقارا، فقد قال تعالى: وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا* وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا {الإسراء:45-46}.

وقال سبحانه: أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين*  الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله {الزمر:22-23}.

قال ابن كثير: هذه صفة الأبرار عند سماع كلام الجبار، المهيمن العزيز الغفار، لما يفهمون منه من الوعد والوعيد والتخويف والتهديد، تقشعر منه جلودهم من الخشية والخوف: ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله. لما يرجون ويؤملون من رحمته ولطفه، فهم مخالفون لغيرهم من الكفار من وجوه:

أحدها: أن سماع هؤلاء هو تلاوة الآيات، وسماع أولئك نغمات لأبيات، من أصوات القينات.

الثاني: أنهم إذا تليت عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا، بأدب وخشية، ورجاء ومحبة، وفهم وعلم، كما قال: إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون* الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون* أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم. وقال تعالى: والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا. أي: لم يكونوا عند سماعها متشاغلين لاهين عنها، بل مصغين إليها، فاهمين بصيرين بمعانيها، فلهذا إنما يعملون بها، ويسجدون عندها عن بصيرة لا عن جهل ومتابعة لغيرهم.

الثالث: أنهم يلزمون الأدب عند سماعها، كما كان الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ عند سماعهم كلام الله من تلاوة رسول الله صلى الله عليه وسلم تقشعر جلودهم، ثم تلين مع قلوبهم إلى ذكر الله.

لم يكونوا يتصارخون ولا يتكلفون ما ليس فيهم، بل عندهم من الثبات والسكون والأدب والخشية ما لا يلحقهم أحد في ذلك، ولهذا فازوا بالقدح المعلى في الدنيا والآخرة. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة