التصديق القلبي دون نطق الشهادتين هل ينفع صاحبه

0 256

السؤال

إذا وجد شخص لم ينطق الشهادتين طوال حياته وفعل الكبائر إلى أن توفاه الله، ولكنه بداخل قلبه مؤمن بالله الواحد الأحد الفرد الصمد، ومؤمن بأن محمدا صلى الله عليه وسلم رسول الله، فهل مثل هذا الشخص يدخل النار مخلدا فيها أبدا ولا يخرج منها؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يصح إيمان من لم ينطق بالشهادتين مع قدرته على ذلك، وقد نقل النووي اتفاق أهل السنة على هذا، كما في الفتوى رقم: 17454.

وعلى ذلك، فمصيره في الآخرة هو الخلود في النار، ولا ينفعه مجرد علمه بصحة مضمون الشهادتين، كما لم ينتفع فرعون وملؤه بمجرد استيقانهم القلبي دون إقرارهم بصحة ما جاء به موسى عليه السلام، قال تعالى: وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين{النمل:14}.

وذكر الله قول موسى له: لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات والأرض بصائر {الإسراء:102}.

وقال تعالى: الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم {البقرة:146}.

فمجرد التصديق الذي في الباطن لا ينفع صاحبه، ما لم يتبعه الإسلام في الظاهر، كما أن الإسلام في الظاهر لا ينفع صاحبه في الآخرة ما لم يكن في قلبه إيمان.

وهذا الذي ذكرت أنه مؤمن بداخل قلبه، لا يصح إيمانه ولا يعتد به، إذ أن الإيمان الذي ينجي من عذاب الله ليس هو مجرد التصديق، وإنما لا بد أن يصحبه إقرار وخضوع وانقياد، فإن الإيمان بحسب كلام الله ورسالته يتضمن أخباره وأوامره، فيصدق القلب أخباره تصديقا يوجب حالا في القلب بحسب المصدق به، والتصديق هو من نوع العلم والقول وينقاد لأمره ويستسلم، وهذا الانقياد والاستسلام هو من نوع الإرادة والعمل، ولا يكون مؤمنا إلا بمجموع الأمرين، فمتى ترك الانقياد كان مستكبرا فصار من الكافرين، وإن كان مصدقا، فالكفر أعم من التكذيب: يكون تكذيبا وجهلا، ويكون استكبارا وظلما، ولهذا لم يوصف إبليس إلا بالكفر والاستكبار دون التكذيب، ولهذا كان كفر من يعلم ـ مثل اليهود ونحوهم ـ من جنس كفر إبليس، وكان كفر من يجهل مثل النصارى ونحوهم ضلالا وهو الجهل.

الصارم المسلول.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة