العبد الرسول أفضل من النبي الملك

0 385

السؤال

قرأت موضوعا على أحد المواقع عن التفضيل بين الأنبياء وقال من بين الأسباب أن النبي الفقير أفضل من النبي الملك الغني مثل أن محمدا صلى الله عليه وسلم أفضل من سليمان واستدل بقول النبي: أن النبي أفضل أن يكون نبيا فقيرا على أن يكون نبيا ملكا، فهل هذا معناه أن العالم الفقير مثلا أفضل من العالم الغني الملك؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد ذكر بعض العلماء تفضيل العبد الرسول على النبي الملك كما اختار ذلك النبي صلى الله عليه وسلم حين خير ووجه ذلك أن النبي الملك يؤذن له في فعل بعض المباحات والتوسع في أمر الملك بإعطاء من شاء ومنع من شاء، وأما العبد الرسول فلا يعطي ويمنع إلا بإذن من الله تعالى، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ما مختصره: ونظير هذا انقسام الأنبياء عليهم السلام إلى عبد رسول، ونبي ملك، وقد خير الله سبحانه محمدا صلى الله عليه وسلم بين أن يكون عبدا رسولا، وبين أن يكون نبيا ملكا، فاختار أن يكون عبدا رسولا، فالنبي الملك مثل داود وسليمان ونحوهما عليهما الصلاة والسلام، قال الله تعالى في قصة سليمان الذي: قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب والشياطين كل بناء وغواص وآخرين مقرنين في الأصفاد هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب { ص : 35 39 } - أي اعط من شئت واحرم من شئت لا حساب عليك، فالنبي الملك يفعل ما فرض الله عليه ويترك ما حرم الله عليه ويتصرف في الولاية والمال بما يحبه ويختار من غير إثم عليه، وأما العبد الرسول فلا يعطي أحدا إلا بأمر ربه ولا يعطي من يشاء ويحرم من يشاء، بل روي عنه أنه قال: إني والله لا أعطي أحدا ولا أمنع أحدا، إنما أنا قاسم أضع حيث أمرت ـ والمقصود هنا أن العبد الرسول هو أفضل من النبي الملك، كما أن إبراهيم وموسى وعيسى ومحمدا عليهم الصلاة والسلام أفضل من يوسف وداود وسليمان عليهم السلام، كما أن المقربين السابقين أفضل من الأبرار أصحاب اليمين الذين ليسوا مقربين سابقين، فمن أدى ما أوجب الله عليه وفعل من المباحات ما يحبه فهو من هؤلاء، ومن كان إنما يفعل ما يحبه الله ويرضاه ويقصد أن يستعين بما أبيح له على ما أمره الله فهو من أولئك. انتهى.

وبه تعلم أن الغنى والفقر ليس هو الوصف الموجب لفضل أحدهما على الآخر كما هو ظاهر، وعليه فمن كان من العلماء، أو غيرهم إنما يفعل ما يحبه الله ويرضاه ويقصد أن يستعين بما أبيح له على ما أمره الله فهو من المقربين، ومن أدى ما أوجب الله عليه وفعل من المباحات ما يحبه فهو من الأبرار، وأما مسألة الغني الشاكر والفقير الصابر فمسألة كثر فيها الكلام وانتشر فيها الخلاف بين أهل العلم، وقد استوعب ابن القيم حجج الفريقين أحسن استيعاب في عدة الصابرين فانظره، ورجح شيخ الإسلام أن أفضلهما أتقاهما.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة