عدد مرات سهو النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة

0 385

السؤال

ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم سها في صلاته خمس مرات على سبيل الحصر وهي:
مرة شك في عدد الركعات.
ومرة قام من ركعتين بلا تشهد.
ومرة سلم من ركعتين.
ومرة سلم من ثلاث ركعات.
ومرة شك في ركعة خامسة.
هل هذا الحصر صحيح مع ذكر الأحاديث وصحة هذه الأحاديث، وإذا كان هناك نقص أرجو ذكر هذا الشيء. وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فأما سجوده صلى الله عليه وسلم للسهو حين سلم من ركعتين فثابت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ولفظه: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إحدى صلاتي العشي، فصلى ركعتين ثم سلم، فقام إلى خشبة معروضة في المسجد فاتكأ عليها كأنه غضبان، ووضع يده اليمنى على اليسرى وشبك بين أصابعه، ووضع خده الأيمن على ظهر كفه اليسرى، وخرجت السرعان من أبواب المسجد، فقالوا: قصرت الصلاة؟ وفي القوم أبو بكر وعمر فهابا أن يكلماه، وفي القوم رجل يقال له: ذو اليدين فقال: يا رسول الله أنسيت أم قصرت الصلاة؟ فقال: لم أنس ولم تقصر، فقال: أكما يقول ذو اليدين؟ فقالوا: نعم، فتقدم فصلى ما ترك، ثم سلم، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر فربما سألوه، ثم سلم، فيقول:-أي ابن سيرين راوي الحديث عن أبي هريرة.- أنبئت أن عمران بن حصين قال: ثم سلم .

وأما سجوده صلى الله عليه وسلم للسهو حين سلم من ثلاث ركعات فرواه مسلم عن عمران بن الحصين رضي الله عنهما ولفظه: وعن عمران بن حصين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى العصر فسلم في ثلاث ركعات، ثم دخل منزله وفي لفظ: فدخل الحجرة، فقام إليه رجل يقال له: الخرباق، وكان في يده طول، فقال يا رسول الله، فذكر له صنيعه، فخرج غضبان يجر رداءه حتى انتهى إلى الناس فقال: أصدق هذا؟ قالوا: نعم، فصلى ركعة ثم سلم، ثم سجد سجدتين ثم سلم .

واختلف العلماء هل هما قصتان أم قصة واحدة، والراجح أنهما قصتان.

قال الشوكاني: هل حديث عمران هذا وحديث أبي هريرة المتقدم حكاية لقصة واحدة أو لقصتين مختلفتين؟ والظاهر ما قاله ابن خزيمة ومن تبعه من التعدد، فدعوى الاتحاد تحتاج إلى تأويلات متعسفة. انتهى. فهذان حديثان في واقعتين مختلفتين.

والثالث سجوده صلى الله عليه وسلم حين زاد خامسة نسيانا، وهو في الصحيحين من حديث ابن مسعود رضي الله عنه ولفظه: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر خمسا فقيل له: أزيد في الصلاة؟ فقال: وما ذلك؟ قالوا: صليت خمسا، فسجد سجدتين بعد ما سلم.

وأما سجوده صلى الله عليه وسلم لترك التشهد الأول فرواه الشيخان عن عبد الله بن بحينة رضي الله عنه أنه قال: صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين من بعض الصلوات، ثم قام، فلم يجلس، فقام الناس معه، فلما قضى صلاته ونظرنا تسليمه كبر قبل التسليم، فسجد سجدتين وهو جالس، ثم سلم. وقد روى أبو داود وغيره عن زياد بن علاقة، قال: صلى بنا المغيرة بن شعبة فنهض في الركعتين، قلنا: سبحان الله، قال: سبحان الله ومضى، فلما أتم صلاته وسلم، سجد سجدتي السهو، فلما انصرف، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يصنع كما صنعت. وقد صحح هذا الحديث الترمذي، فإن كان صحيحا فهو واقعة أخرى فيها سجوده صلى الله عليه وسلم لترك التشهد الأول بعد السلام.

قال ابن القيم: قول المغيرة: ( وهكذا صنع بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ) يجوز أن يرجع إلى جميع ما فعل المغيرة، ويكون قد سجد النبي صلى الله عليه وسلم في هذا السهو مرة قبل السلام، ومرة بعده، فحكى ابن بحينة ما شاهده، وحكى المغيرة ما شاهده، فيكون كلا الأمرين جائزا، ويجوز أن يريد المغيرة أنه صلى الله عليه وسلم قام ولم يرجع، ثم سجد للسهو. انتهى. والاحتمال الأول أقرب لظاهر اللفظ. لكن قد أعل ابن القطان حديث المغيرة بأن فيه راويا مختلطا.

وأما ما ذكر من سجوده صلى الله عليه وسلم للشك فقد يستدل له بما رواه إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم - قال إبراهيم: زاد أو نقص، فلما سلم قيل له: يا رسول الله حدث في الصلاة شيء؟ قال: لا، وما ذاك؟ قالوا: صليت كذا وكذا، فثنى رجليه واستقبل القبلة فسجد سجدتين، ثم سلم، ثم أقبل علينا. الحديث.

لكن الظاهر أن هذه الرواية محمولة على الرواية المجزوم بها في سجوده صلى الله عليه وسلم حين زاد خامسة.

قال الشوكاني: قوله: (وعن إبراهيم) هو النخعي قوله: (زاد أو نقص) في رواية للجماعة من طريق إبراهيم عن علقمة أنه صلى خمسا على الجزم، وستأتي في باب من صلى الرباعية خمسا. وفي قوله: " زاد أو نقص " دليل على مشروعية سجود السهو لمن تردد بين الزيادة والنقصان إلا أن تجعل رواية الجزم مفسرة لرواية التردد. انتهى.

فهذا ما وقفنا عليه من الأحاديث الصحيحة التي فيها سجوده صلى الله عليه وسلم للسهو وبيان الخلاف في عدها. ولا شك في كونه صلى الله عليه وسلم سجد للسلام من ركعتين وسجد لترك التشهد الأول وسجد لزيادة ركعة، فهذه ثلاث قصص، فإن كان حديث عمران في سجوده للسلام من ثلاث واقعة أخرى كما هو الراجح فهذه رابعة، وإن صح حديث المغيرة في سجوده بعد السلام لترك التشهد الأول فهذه خامسة، وإن كانت رواية إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود لواقعة أخرى وليست هي المفسرة بسجوده صلى الله عليه وسلم لزيادة ركعة فهي سادسة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة