أحوال العبد بعد التوبة من الذنب

0 274

السؤال

هل يسقطني الله من مرتبة معينة إذا أذنبت واستغفرت خلف الذنب سريعا وتبت إليه، فإن الله رحمن رحيم ويحب عباده؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فلا ريب في أن الذنب يؤثر في منزلة العبد عند الله تعالى وقربه منه، ولكن العبد إذا تاب وندم وتدارك أثر هذا الذنب بالرجوع إلى الله تعالى، فقد يصير خيرا مما كان قبل التوبة وأعظم منزلة عند الله، وذلك إذا أحدث الذنب للعبد ذلا وانكسارا فشمر في مرضات ربه وتدارك تفريطه بحسنات ماحية واجتهاد في الطاعات ومزيد تحرز من الشيطان ومكره، وقد ناقش العلامة ابن القيم ـ رحمه الله ـ هذه المسألة وهي هل يرجع العبد بعد التوبة إلى منزلته التي كان عليها قبلها أو لا؟ ثم قال بعد سياق حجة الفريقين ما عبارته: وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ يحكي هذا الخلاف، ثم قال: والصحيح أن من التائبين من لا يعود إلى درجته، ومنهم من يعود إليها، ومنهم من يعود إلى أعلى منها، فيصير خيرا مما كان قبل الذنب، وكان داود بعد التوبة خيرا منه قبل الخطيئة، قال: وهذا بحسب حال التائب بعد توبته، وجده وعزمه، وحذره وتشميره، فإن كان ذلك أعظم مما كان له قبل الذنب عاد خيرا مما كان وأعلى درجة، وإن كان مثله عاد إلى مثل حاله، وإن كان دونه لم يعد إلى درجته، وكان منحطا عنها، وهذا الذي ذكره هو فصل النزاع في هذه المسألة، إلى أن قال: وقد ضرب لذلك مثل آخر برجل خرج من بيته يريد الصلاة في الصف الأول، لا يلوي على شيء في طريقه، فعرض له رجل من خلفه جبذ ثوبه وأوقفه قليلا، يريد تعويقه عن الصلاة، فله معه حالان: أحدهما: أن يشتغل به حتى تفوته الصلاة، فهذه حال غير التائب، الثاني: أن يجاذبه على نفسه، ويتفلت منه، لئلا تفوته الصلاة، ثم له بعد هذا التفلت ثلاثة أحوال:

أحدها: أن يكون سيره جمزا ووثبا، ليستدرك ما فاته بتلك الوقفة، فربما استدركه وزاد عليه.

الثاني: أن يعود إلى مثل سيره.

الثالث: أن تورثه تلك الوقفة فتورا وتهاونا، فيفوته فضيلة الصف الأول، أو فضيلة الجماعة وأول الوقت، فهكذا حال التائبين السائرين سواء. انتهى كلامه رحمه الله وفيه كفاية في هذا المقام إن شاء الله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات