هل يتوضأ بالماء أم يدفعه لتارك الصلاة الذي سيموت عطشا؟

0 212

السؤال

كنت أمشي بمكان ناء وخال من كل أشكال الحياة، وجاء وقت الصلاة، ولدي من الماء فقط ما يكفيني لطهوري فقط، وفجأة ظهر لي رجل تبين لي فيما بعد أنه رجل لا يصلي إطلاقا وحكمه في حكم الكافر مثلما أتى في حديث الرسول عليه الصلاه والسلام: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ـ وهو يطلب ماء طهوري ليقي منه الموت من شدة العطش، والسؤال كالتالي؟ هل أعطيه مائي وأتيمم بالتراب؟ أم أدعه يموت ظمأ وأتوضأ بذلك الماء؟ وإذا كان نعم، فأين نحن من الآية: ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاعلم أولا أن العلماء مختلفون في تارك الصلاة هل هو كافر كفرا ناقلا عن الملة أو كفرا دون كفر؟ وقد فصلنا خلافهم في الفتوى رقم: 130853.

ثم اعلم أن الصواب هو وجوب دفع الماء لمعصوم يخشى عليه الهلكة، قال النووي رحمه الله: واتفق أصحابنا ـ يعني الشافعية ـ على أنه إذا احتاج إليه لعطش نفسه أو رفيقه أو حيوان محترم من مسلم أو ذمي أو مستأمن أو بهيمة جاز التيمم بلا إعادة قال أصحابنا ويحرم عليه الوضوء في هذه الحالة وقد نبه المصنف على هذا بقوله، لأنه ممنوع من استعماله يعني أنه ممنوع من استعماله شرعا منع تحريم. انتهى.

فإذا كان يجب دفع الماء للكافر المستأمن أو الذمي فدفعه للمسلم العاصي أولى وإن كان مختلفا في كفره بين العلماء، ومن العلماء من ذهب إلى أنه يلزمه الوضوء ولا يدفع الماء لغيره والحال ما ذكر، والصواب ما قدمنا.

قال ابن قدامة رحمه الله: وإن خاف على رفيقه، أو رقيقه، أو بهائمه، فهو كما لو خاف على نفسه، لأن حرمة رفيقه كحرمة نفسه والخائف على بهائمه خائف من ضياع ماله، فأشبه ما لو وجد ماء بينه وبينه لص أو سبع يخافه على بهيمته أو شيء من ماله، وإن وجد عطشان يخاف تلفه، لزمه سقيه، ويتيمم، قيل لأحمد: الرجل معه إداوة من ماء للوضوء، فيرى قوما عطاشا، أحب إليك أن يسقيهم أو يتوضأ؟ قال: يسقيهم، ثم ذكر عدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتيممون، ويحبسون الماء لشفاههم، وقال أبو بكر، والقاضي: لا يلزمه بذله، لأنه محتاج إليه، ولنا أن حرمة الآدمي تقدم على الصلاة، بدليل ما لو رأى حريقا، أو غريقا، في الصلاة عند ضيق وقتها، لزمه ترك الصلاة، والخروج لإنقاذه فلأن يقدمها على الطهارة بالماء أولى، وقد روي في الخبر، أن بغيا أصابها العطش، فنزلت بئرا فشربت منه، فلما صعدت رأت كلبا يلحس الثرى من العطش، فقالت: لقد أصاب هذا من العطش مثل ما أصابني، فنزلت فسقته بموقها فغفر الله لها، فإذا كان هذا الأجر من سقي الكلب، فغيره أولى. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة