من أراد أن ينظر إلى وصية رسول الله التي عليها خاتمه

0 344

السؤال

ما هي وصية الرسول -صلى الله عليه وسلم- سواء في الإطار المالي، أو المعنوي (توجيه الأمة)؟
وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن الله -تبارك وتعالى- جعل هذا الدين خاتم الأديان، وجعل شريعته تمام الشرائع، ورضي الله ذلك للمؤمنين، فقال تعالى: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا [المائدة:2].

كما أنه جعل رسوله -محمدا صلى الله عليه وسلم- خاتم الرسل، وكتابه آخر الكتب، فقال -عز وجل-: ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين [الأحزاب:40].

ولذلك، فإننا نجد أن هذا الدين قد جاء بإصلاح الدنيا والآخرة معا، شاملا لكل مناحيهما، دون إفراط أو تفريط في جانب على حساب جانب آخر، وقد دل على هذا التوازن العجيب كتاب ربنا، وسنة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-.
فقد قال الله -تعالى-: وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا [القصص:77].

ولكي تسير الدنيا على أحسن منهاج، أحل الله الطيبات، وحرم الخبائث، وندب إلى محاسن الأخلاق، وحد الحدود الزاجرة عن الكبائر والمهلكات، وأمر بالعدل، ونهى عن الظلم. فقال -عز وجل-: ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث [الأعراف:157].
وقال تعالى: وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا [الإسراء:53].
وقال تعالى: والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم [المائدة:38].
وقال تعالى: الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله [النور:2].
وقال تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل [النساء:58].
وقال تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون * وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون [النحل:90-91].
وقال تعالى: ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا [الفرقان:19].

وأحل الله البيع، وحرم الربا لذلك، فقال: وأحل الله البيع وحرم الربا [البقرة:275].

ونهى عن أكل أموال الناس بالباطل، فقال: ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون [البقرة:188].

وقد جمع الله -تعالى- مجموعة من الوصايا في آيات جامعة من القرآن الكريم، يوصي فيها عباده بمراعاة الدنيا والآخرة معا، منها قوله تعالى: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم... إلى قوله تعالى: وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون * وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون [الأنعام:151-152].

قال ابن كثير: قال داود الأودي، عن الشعبي، عن علقمة، عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: من أراد أن ينظر إلى وصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التي عليها خاتمه، فليقرأ هؤلاء الآيات. اهـ.

ومنها قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا... إلى قوله تعالى: كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها [الإسراء:38]. والتي يسميها العلماء آيات الوصايا العشر.

ولكي يحصل العبد ما ينفعه في آخرته، أمر الله تعالى بالفرائض، ونهى عن المحرمات والفواحش، فقال -عز وجل-: وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة [البقرة:43].
وقال -عز وجل-: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا [آل عمران:97].
وقال تعالى: قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون [الأعراف:33].

وبالجملة؛ فإن أدق وصف لهذا القرآن، هو ذلك الوصف الذي وصفه به منزله رب العزة -جل جلاله-، حيث قال: إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم [الإسراء:9].

ومن أجمع وصايا النبي -صلى الله عليه وسلم- ما أوصى به أمته في حجة الوداع، والتي قال فيها: فإن دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم، عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، فأعادها مرارا، ثم رفع رأسه، فقال: اللهم هل بلغت؟

قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: فوالذي نفسي بيده إنها لوصيته إلى أمته، فليبلغ الشاهد الغائب، لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض. رواه البخاري، وهذا لفظه، ورواه مسلم -أيضا-.

وجماع ما ذكرناه؛ أن الإسلام أوصى بإصلاح الدنيا والدين معا، دون أن يطغى أحدهما على الآخر، وأمر بجلب المصالح، ودفع المضار، وحث على بذل الجهد للحصول على كل مأمول، والتخلص من كل مرذول.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة