حكم من قال: سأجعل الخمر قانونيا

0 272

السؤال

أسعدك الله يا شيخ لدي سؤال عن أمر قاله زميل لي حين سأله المدرس ماذا ستفعل لو كنت رئيس دولة؟ فقال سأجعل الخمر قانونيا فأنكرت عليه ذلك وقلت له إن استباحة الحرام ليست مجال مزاح ونصحته بأن يذهب ويسأل عن حكم ما قال، ولا أدري هل ذهب وسأل أو لا، وأظن أنه لا يعلم وبال أمره, فبماذا تنصحوني تجاهه؟ وجزاكم الله تعالى خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:

فإن كان صاحبك يعني بتلك المقولة أنه سيسمح ببيع الخمر فإنها مقولة خبيثة قد يأثم بها إن كان صادقا في عزمه وليس مازحا, فقد دلت السنة على أن المرء يأثم بمجرد نية فعل المعصية ولو لم يعمل بها، كما في حديث الرجل الذي ليس له مال ويقول: لو آتاني الله مثل ما آتى هذا لعملت فيه مثل ما يعمل، فهما في الوزر سواء ـ بل إنه لو نوى أن يسمح ببيعه بالقانون فإنه يخشى عليه الكفر ـ والعياذ بالله ـ لأن تشريع قانون يحل به المحرم يعتبر استحلالا عند بعض العلماء, قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: إذا جاءنا رجل ورفع الحكم الشرعي وأحل بدله قوانين تخالف ما أنزل الله على رسوله، فهذا لا شك أنه مستحل، لأنه رفع الحكم نهائيا ووضع قانونا من وضعه أو من وضع من هو أسوأ حالا منه، فهذا كافر، لأن رفعه للأحكام الشرعية ووضع القوانين بدلها يعني أنه استحل ذلك. اهــ.

وإن كان قصد زميلك أنه يستحل الخمر فإنه يكفر بذلك ـ والعياذ بالله ـ قال ابن قدامة في المغني: من اعتقد حل شيء أجمع على تحريمه، وظهر حكمه بين المسلمين، وزالت الشبهة فيه، للنصوص الواردة فيه، كلحم الخنزير والزنى وأشباه هذا، مما لا خلاف فيه، كفر... اهـ.

فالواجب على صاحبك أن يتقي الله تعالى ويتوب إليه، وإذا كان مازحا، فإن المزاح له آداب، ولا يكون بالتكلم بالباطل والمحرمات والمعاصي, والمزاح لا يكون بالتلفظ بما يشعر باستباحة المحرمات أو الاستهانة بها, فالمزاح بمثل هذا فيه استخفاف وعدم عناية بالأحكام الشرعية، وقد قال الله تعالى بعد ذكره لجملة من أحكام الطلاق في سورة البقرة:... ولا تتخذوا آيات الله هزوا ...{البقرة: 231}.

قال العلامة ابن عاشور في التحرير والتنوير في تفسير هذه الآية: لما كان المخاطب بهذا المؤمنين، وقد علم أنهم لم يكونوا بالذين يستهزئون بالآيات، تعين أن الهزء مراد به مجازه وهو الاستخفاف وعدم الرعاية، لأن المستخف بالشيء المهم يعد لاستخفافه به مع العلم بأهميته، كالساخر واللاعب ... اهــ.

وإنكارك عليك لتكلمه بذلك إنكار صحيح تثاب عليه ـ إن شاء الله ـ وقد قال القرطبي ـ رحمه الله تعالى ـ في تفسير قوله عز وجل: فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره ـ وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية.. اهــ.

والله أعلم.
 

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة