ماذا يفعل المأموم إن انتهى إلى الصف وقد شرع الإمام في التسليم

0 349

السؤال

أحيانا عند الذهاب للمسجد لصلاة الجماعة يكون الإمام في التشهد الأخير وريثما ينتظم المرء في الصف يكون الإمام قد بدأ في التسليمة الأولى, فما هو الأفضل حينها هل أكبر تكبيرة الإحرام وأدرك الصلاة قبل أن يتم الإمام التسليمتين الأولى والثانية ثم أتم ما فاتني من الصلاة؟ أم الأفضل أن أنتظر وأقيم جماعة ثانية لأن دخولي للصلاة والإمام يسلم التسليمة الأولى يعني أني لم أدرك الجماعة؟
كنت قد قرأت من قبل أن العلماء على خلاف فيما إذا كانت كلا التسليمتين في نهاية الصلاة من أركانها أم الأولى فقط, فلو كانت الأولى فقط هي الركن ولم يتمها الإمام بعد ودخلت في الصلاة قبل أن ينتهى من قول السلام عليكم ورحمة الله فهل أحصل على ثواب الجماعة؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فإذا دخلت المسجد وانتهيت إلى الصف وقد شرع الإمام في التسليم فلا تدخل معه في الصلاة، بل انتظر حتى يقضي صلاته, ثم صل في جماعة أخرى إن أمكنك، فإن دخلت معه وقد شرع في التسليم فقيل: لا تنعقد صلاتك, وقيل: تنعقد فرادى, وقال بعض الشافعية: تنعقد جماعة، وقال بعض الحنابلة: إذا أدركته قبل التسليمة الثانية انعقدت جماعة، وهذا خلاف المعتمد في المذهب، فالاحتياط ما قدمنا من كونك لا تدخل مع الإمام إذا شرع في التسليم خروجا من خلاف من رأى عدم انعقاد الصلاة والحال هذه، فإذا كنت تفرغ من تكبيرة الإحرام قبل شروعه في التسليم فإنك تكون مدركا للجماعة والحال هذه عند الجمهور ولو لم تجلس، ونحن نسوق لك من كلام أهل العلم ما يتضح به ما ذكرنا، قال المرداوي في الإنصاف مبينا الأوجه عند الحنابلة في المسألة, وأن المعتمد عندهم هو ما قدمنا: تنبيه: ظاهر كلامه: أنه يدركها بمجرد التكبير قبل سلامه، سواء جلس أو لم يجلس، وهو صحيح وهو المذهب، وقال بعض الأصحاب: يدركها بشرط أن يجلس بعد تكبيره، وقبل سلامه, وحمل ابن منجا في شرحه كلام المصنف عليه وظاهر كلام المصنف أيضا: أنه لا يدركها إذا كبر بعد سلام الإمام من الأولى، وقبل سلامه من الثانية وهو صحيح وهو المذهب، وعليه الأصحاب، وقيل: يدركها وأطلقهما في الفائق، وعنه يدركها أيضا إذا كبر بعد سلامه من الثانية إذا سجد للسهو بعد السلام، وكان تكبيره قبل سجوده. انتهى. وقال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في الشرح الممتع: وقوله: قبل سلام إمامه المراد التسليمة الأولى دون التسليمة الثانية، ولهذا لو جئت والإمام قد سلم التسليمة الأولى فلا تدخل معه، حتى إن الفقهاء رحمهم الله صرحوا: بأنه لو دخل معه بعد التسليمة الأولى فإن صلاته لا تنعقد, ووجب عليه الإعادة؛ لأنه ـ أي: الإمام ـ لما سلم التسليمة الأولى شرع في التحلل من الصلاة فلا يصح أن تنوي الائتمام به وهو قد شرع في التحلل من الصلاة. انتهى.

وأما مذهب الشافعية فقال المحلي: (والصحيح إدراك الجماعة ما لم يسلم) أي الإمام وإن لم يجلس معه بأن سلم عقب تحرمه, قال قليوبي في حاشيته: قوله: (ما لم يسلم) أي يشرع في التسليمة الأولى، وإلا فلا تنعقد صلاته جماعة, ولا فرادى عند شيخنا الزيادي تبعا لشيخنا الرملي، وإن كان شرحه لا يفيده، وعند الخطيب تنعقد صلاته فرادى، وعند ابن حجر تنعقد جماعة. انتهى.

ومذهب المالكية أن الجماعة لا تدرك إلا بإدراك ركعة مع الإمام، فمن أدرك دون الركعة فهو غير مدرك للجماعة, وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية, ورجحه كذلك الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -، ومن ثم يرى الشيخ أن من لم يدرك ركعة مع الإمام فالأولى له أن يصلي في جماعة ثانية إن كان يرجو تحصيل جماعة أخرى وإلا فليدخل مع الإمام، قال رحمه الله: إذا دخل الإنسان والإمام في التشهد الأخير فإن كان يرجو وجود جماعة لم يدخل معه، وإن كان لا يرجو ذلك دخل معه؛ لأن القول الراجح أن صلاة الجماعة لا تدرك إلا بركعة لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة), وكما أن الجمعة لا تدرك إلا بركعة فكذلك الجماعة، فإذا أدرك الإمام في التشهد الأخير لم يكن مدركا للجماعة، فينتظر حتى يصليها مع الجماعة التي يرجوها، أما إذا كان لا يرجو جماعة فإن دخوله مع الإمام ليدرك ما تبقى من التشهد خير من الانصراف عنه. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة