هل يكفي الاطلاع على كتب القراءات دون القراءة على شيخ متقن

0 346

السؤال

أنا مجاز بقراءة حفص عن عاصم من طريق الشاطبية، وأود أن أقرأ هذه القراءة من طريق الطيبة طريق الحمامي لكونه يقصر المنفصل وهذه أيسر لي كإمام لمسجد، فهل يجوز لي ذلك بمجرد دراسة هذه الطريق من غير قراءتها على مجاز فيها؟
وهل يجوز عموما قراءة القرآن بأي قراءة بمجرد دراستها والاطلاع عليها في كتب القراءات من غير أخذها على شيخ متقن فيها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فاعلم أولا أن من التجويد ما هو واجب ومنه ما هو مستحب، والواجب منه بيناه في الفتوى رقم: 136573، وأما ما عدا ذلك من المدود ونحوها فهو من التجويد المستحب، وانظر الفتوى رقم: 188983 وما أحيل عليه فيها، وبه تعلم أن الأمر واسع ولا تحجير فيه، فلو قصرت أو مددت لم يكن عليك حرج إن شاء الله، ما دمت تخرج الحروف من مخارجها وتعطيها حقها ومستحقها.

وأما إن أردت مراعاة قواعد أئمة هذا الشأن فإنهم قرروا أن الأصل هو تلقي القراءة على المتقنين فلا يكتفى فيها بمجرد الوجادة أو غيرها من طرق التحمل، وقد اشترط أئمة القراءة أن يقرأ الطالب على الشيخ ولم يكتفوا حتى بمجرد السماع من لفظه، قال السيوطي رحمه الله: وأما القراءة على الشيخ فهي المستعملة سلفا وخلفا، وأما السماع من لفظ الشيخ فيحتمل أن يقال به هنا لأن الصحابة رضي الله عنهم إنما أخذوا القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم لكن لم يأخذ به أحد من القراء والمنع فيه ظاهر لأن المقصود هنا كيفية الأداء، وليس كل من سمع من لفظ الشيخ يقدر على الأداء كهيئته بخلاف الحديث فإن المقصود فيه المعنى أو اللفظ لا بالهيئات المعتبرة في أداء القرآن وأما الصحابة فكانت فصاحتهم وطباعهم السليمة تقتضي قدرتهم على الأداء كما سمعوه من النبي صلى الله عليه وسلم لأنه نزل بلغتهم. ومما يدل للقراءة على الشيخ عرض النبي صلى الله عليه وسلم القرآن على جبريل في رمضان كل عام، ويحكى أن الشيخ شمس الدين بن الجزري لما قدم القاهرة وازدحمت عليه الخلق لم يتسع وقته لقراءة الجميع فكان يقرأ عليهم الآية ثم يعيدونها عليه دفعة واحدة فلم يكتف بقراءته. انتهى.

وليس من شرط من تقرأ عليه أن يكون مجازا بالسند وإنما يشترط أن يكون متقنا أهلا للإقراء، قال السيوطي: الإجازة من الشيخ غير شرط في جواز التصدي للإقراء والإفادة فمن علم من نفسه الأهلية جاز له ذلك وإن لم يجزه أحد وعلى ذلك السلف الأولون والصدر الصالح وكذلك في كل علم وفي الإقراء والإفتاء خلافا لما يتوهمه الأغبياء من اعتقاد كونها شرطا. وإنما اصطلح الناس على الإجازة لأن أهلية الشخص لا يعلمها غالبا من يريد الأخذ عنه من المبتدئين ونحوهم لقصور مقامهم عن ذلك والبحث عن الأهلية قبل الأخذ شرط فجعلت الإجازة كالشهادة من الشيخ للمجاز بالأهلية. انتهى.

والخلاصة أنه لا حرج عليك ولا إثم في أن تقرأ بما شئت من المد أو القصر على ما وصفنا، وأن الأولى مراعاة قواعد الفن وما اصطلح عليه أئمته، فلا يكتفى بأخذ القراءة من الكتب المصنفة بل لا بد من القراءة على شيخ متقن، ولا يشترط أن يكون مجازا، وإنما يكفي أن يكون أهلا للإقراء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة