حكم اتهام بنت او أخت أو أم أو زوجة نبي بالزنا

0 1319

السؤال

هل قول: "إن بنت النبي أو الرسول كانت زانية" يعتبر كفرا؟ وإن كان كفرا فهل هذا يعني أن عرض الرسل والأنبياء محفوظ من الزنا؟ أم أنه غير محفوظ, لكن لا يجوز قول مثل هذا الكلام لما فيه من الاستهانة بالنبي, وأنه من الممكن أن تقع أخت أو بنت أو أم نبي في الزنا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فاتهام بنت أو أخت أو أم أو زوجة نبي بالزنا إن كان يقصد منه الإهانة للنبي, أو التنقص له, أو التوصل إلى سبه من وراء ذلك فهذا كله كفر؛ لأن مداره على سب وتنقص النبي وهو كفر, قال في الإقناع للشربيني: القول فيما يوجب الردة فمن نفى الصانع - وهو الله سبحانه وتعالى - وهم الدهريون الزاعمون أن العالم لم يزل موجودا كذلك بلا صانع, أو نفى الرسل بأن قال: لم يرسلهم الله تعالى, أو نفى نبوة نبي, أو كذب رسولا أو نبيا, أو سبه أو استخف به, أو باسمه.

وإن كان لا يقصد تنقص النبي ولا التوصل إلى سبه إنما يوجه كلامه للمرأة المتعلقة بالنبي, فإن كان القذف لأم النبي فهو كفر، قال ابن مفلح - رحمه الله - في الفروع وتصحيح الفروع: ومن قذف أم النبي صلى الله عليه وسلم كفر ويقتل.

وقال المرداوي - رحمه الله - في الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف: اختار ابن عبدوس في تذكرته: كفر من سب أم نبي من الأنبياء أيضا غير نبينا صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين كأم نبينا سواء عنده.

قال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في الشرح الممتع على زاد المستقنع: وظاهره أيضا ولو قذف أم نبي ـ نسأل الله العافية ـ مثل أن يقول: إن مريم ـ والعياذ بالله ـ بغي، فهل يقتل أو لا؟ الجواب: لا بد أن يقتل؛ لأنه حتى لو فرضنا أنه ليس من باب القذف، فهو من باب تكذيب القرآن؛ لأن الله تعالى قال في مريم: {والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين} [الأنبياء: 91] وأما أم نبي غير مريم، فالصحيح أنه يقتل كفرا، لما في ذلك من الشناعة العظيمة؛ حيث يوهم أن الأنبياء ـ وحاشاهم من ذلك ـ أولاد بغايا. 
وقد ذكر بعض أهل العلم أن سب فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم كفر، فقد جاء في فتح الباري لابن حجر: قوله فمن أغضبها أغضبني, استدل به السهيلي على أن من سبها فإنه يكفر.

والأمر الذي تواردت عليه أقوال أهل التفسير أن منع وقوع النساء التي لهن تعلق بالأنبياء هي: عصمتهن من ذلك؛ لمقام الأنبياء القاضي بمنع وقوع ما ينفر عنهم في قبول دعوتهم, قال في التسهيل لعلوم التنزيل: وقيل خانتا بالزنا, وأنكر ابن عباس ذلك, وقال: ما زنت امرأة نبي قط تنزيها من الله لهم عن هذا النقص. وقال في تفسير ابن كثير: وليس المراد بقوله فخانتاهما في فاحشة, بل في الدين, فإن نساء الأنبياء معصومات عن الوقوع في الفاحشة لحرمة الأنبياء كما قدمنا في سورة النور. وجاء في تنزيه الأنبياء عما نسب إليهم حثالة الأغبياء: وحاشا وكلا من هذه الوصمة الخسيسة أن يفعلها الله تعالى مع أنبيائه عليهم السلام, وكيف والأمة مجمعة على أنه ما زنت امرأة نبي قط كانت مؤمنة أو كافرة, وخيانة امرأة نوح وامرأة لوط عليهما السلام إنما كانت في إظهارهما الإيمان وإخفائهما الكفر لا غير.

وجاء في روح المعاني: ولا تفسر ههنا بالفجور؛ لما أخرج غير واحد عن ابن عباس: ما زنت امرأة نبي قط, ورفعه أشرس إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم, وفي الكشاف: لا يجوز أن يراد بها الفجور؛ لأنه سمج في الطبع, نقيصة عند كل أحد, بخلاف الكفر, فإن الكفر لا يستسمجونه ويسمونه حقا, ونقل ابن عطية عن بعض تفسيرها بالكفر والزنا وغيره .......... فالحق عندي أن عهر الزوجات كعهر الأمهات من المنفرات التي قال السعد إن الحق منعها في حق الأنبياء عليهم السلام.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة