معنى اهتزاز العرش لموت سعد بن معاذ

0 430

السؤال

هل ابن آدم متحكم من الله أم له حرية؟ وكيف مات الصحابي سعد - رضي الله عنه – الذي اهتز له عرش الرحمن؟ وهل هذا يعني أن الله عز وجل لم يعلم - وهو الذي كتب عليه الموت – بموته؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فإن كان مرادك بقولك: (بني آدم متحكم من الله) أن الله قد أجبره على أفعاله جبر قهر، وأن العبد كالريشة في مهب الريح ليس له إرادة ولا اختيار؛ فإن هذا باطل؛ لأن الله سبحانه قد أثبت للعبد مشيئة فقال سبحانه: إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا {المزمل:19}، وقال تعالى: لمن شاء منكم أن يستقيم {التكوير:28}، فأثبت لهم مشيئة لكنها لا تخرج عن مشيئة الله.

وإن كان مرادك أن مشيئة العبد تحت مشيئة الله فهذا حق، قال تعالى: وما تشاءون إلا أن يشاء الله {الإنسان:30}.

وكذلك القول في إثبات الحرية له أو سلبها عنه: إن كان المقصود من ذلك أن الإنسان له حرية في اختياره وإرادته, وأنه غير مقهور فصحيح، وإن كان المراد أن له حرية خارجة عن ملك الله وسلطانه وإرادته سبحانه فباطل، قال شيخ الإسلام في معرض حديثه حول لفظ الجبر:  إن أراد بالجبر أنه ليس له مشيئة؛ أو ليس له قدرة؛ أو ليس له فعل؛ فهذا باطل فإن العبد فاعل لأفعاله الاختيارية, وهو يفعلها بقدرته ومشيئته, وإن أراد بالجبر أنه خالق مشيئته وقدرته وفعله, فإن الله تعالى خالق ذلك كله.

وأما استشكالك اهتزاز عرش الرحمن لموت سعد: فإن هذا الاهتزاز لا يدل على أن الله سبحانه لم يعلم بموت سعد إلا بعد وقوعه؛ بل معنى الحديث كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية: لما مات اهتز له عرش الرحمن فرحا بقدوم روحه. انتهى. وهذا التفسير مروي عن الحسن في السنة لعبد الله بن الإمام أحمد، وقال ابن القيم كما نقله عنه المناوي في فيض القدير: كان سعد في الأنصار بمنزلة الصديق في المهاجرين, لا تأخذه في الله لومة لائم, وختم له بالشهادة, وآثر رضا الله ورسوله على رضا قومه وحلفائه, ووافق حكمه حكم الله من فوق سبع سماوات, ونعاه جبريل عليه السلام يوم موته, فحق له أن يهتز العرش له. انتهى .

وننبه السائل إلى أن عليه أن يحرص في أمور العقيدة على استعمال ألفاظ الشرع مهما أمكنه؛ فإنها الأسلم والأعلم والأحكم، بدلا من هذه الإطلاقات: (متحكم من الله) أو (له حرية)، قال ابن أبي العز في شرح الطحاوية: والتعبير عن الحق بالألفاظ الشرعية النبوية الإلهية هو سبيل أهل السنة والجماعة.

ولمزيد من البيان والفائدة راجع الفتاوى التالية: 93158، 8653، 79824.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة