موقف المسلم من المسائل الخلافية

0 253

السؤال

أرجو الإجابة عن هذين السؤالين -جزاكم الله خيرا -.
1- هل صحيح أن الأولى في المسائل الخلافية هو الترك - كترك التكبير الجماعي يوم العيد -؟ وهل هذه القاعدة على إطلاقها؟ مع ذكر بعض الأمثلة.
2- القائلون بأن أحاديث تحريم الإسبال التي جاءت مطلقة تحمل على المقيدة - كشيخ الإسلام ابن تيمية- هل فاتهم أنه لا يمكن حملها على المقيدة لاختلاف الفعل والحكم كما يرد عليهم مخالفوهم، أم أن هذه القاعدة أيضا مختلف فيها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

أولا: المسائل الخلافية: إن كان الشخص من أهل العلم فإنه يرجح ما يظهر له بالدليل، وإن كان عاميا فإنه يقلد من يثق بقوله من أهل العلم, كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 120640.

وأما هل الأولى في المسائل الخلافية الترك؟ فالجواب: بل الأولى الاحتياط, وسواء كان ذلك بالفعل أو الترك، فإذا اختلف العلماء في أمر هل هو محرم أو لا؟ فالأحوط الترك, وإذا اختلفوا هل هو واجب أو مستحب؟ فالأحوط الفعل, إلا أن تظهر السنة ظهورا جليا, فالأحوط هو متابعتها, لا الخروج من الخلاف, كما بينا ذلك مع ذكر أمثلته في الفتوى رقم: 184251.

ثانيا: مسألة الإسبال هل هو محرم مطلقا أو بقصد الخيلاء؟ هذه مختلف فيها بين العلماء، ومن العلماء من وجه التحريم مطلقا بما ذكرته من الدليل, وهذا اختيار الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -، قال الشيخ: وأما من لم يقصد الخيلاء ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار", ولم يقيد ذلك بالخيلاء، ولا يصح أن يقيد بها بناء على الحديث الذي قبله؛ لأن أبا سعيد الخدري - رضى الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إزره المؤمن إلى نصف الساق, ولا حرج - أو قال: لا جناح عليه - فما بينه وبين الكعبين، وما كان أسفل من ذلك فهو في النار، ومن جر بطرا لم ينظر الله إليه يوم القيامة". رواه مالك، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وابن حبان في صحيحه, ذكره في كتاب الترغيب والترهيب في الترغيب في القميص ص 88 ج 3, ولأن العملين مختلفان، والعقوبتين مختلفتان، ومتى اختلف الحكم والسبب امتنع حمل المطلق على المقيد؛ لما يلزم على ذلك من التناقض. انتهى.

وهذا استنباط من الشيخ - رحمه الله - وإعمال لقواعد حمل المطلق على المقيد، ويمكن ألا يسلم له ما قاله - رحمه الله - بأن يقال إن العقوبتين لاحقتان من جر إزاره بطرا, وينفى كون العملين مختلفين أصلا، ونحن - وإن كنا نوافق الشيخ فيما ذهب إليه من تحريم الإسبال مطلقا - إلا أن قصدنا هنا أن نبين أن المسألة من مسائل الاجتهاد, وأن أهل العلم تختلف أنظارهم في فهم الأدلة, والتوفيق بينها, فمن أداه اجتهاده إلى قول فليقل به, ثم إن كان مصيبا في نفس الأمر فله أجران, وإن كان مخطئا فله أجر, ومن كان عاميا قلد من يثق بعلمه وورعه كما مر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى