حكم تزوج الشخص من بنته من الزنا

0 327

السؤال

لقد وقعت في الزنا منذ 18 عاما, وتبت إلى الله توبة صادقة, وقررت الزواج لتجنب الفاحشة, وتزوجت, وبعد زواجي بأربعة شهور قالت لي المزني بها: إنها حامل, فصدمت, فتدخل بعض الناس, وكتب عقد عرفي بتاريخ قديم, وتم عقد الزواج تصديقا على العقد العرفي دون علم أهلها, ثم طلقتها, وأنجبت بنتا, وهي عمرها الآن 18عاما, وأنا لم أرها إلا منذ 3 أعوام, وأحببتها حبا غير أبوي, وعند قراءتي في الفقه وجدت أن مذهب الشافعي أحل للأب الزواج من ابنته من الزنا, فتزوجتها زواجا طبيعيا, وحدثت بيننا معاشرة كأي زوجين؛ وعند إشهاري للزواج, لقيت اعتراضا من بعض الأسرة, فهل أكمل الإشهار في هذه الحالة؟ وهل أنا على صواب أم لا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فلا يخفى أن الزنا من أفحش الذنوب, ومن أكبر الكبائر التي تجلب غضب الله، وهو جريمة خطيرة لها آثارها السيئة على الفرد والمجتمع, وإذا حملت المرأة من الزنا فإن ذلك الحمل لا ينسب للزاني، لكن الزنا يثبت الحرمة, فلا يجوز للرجل تزوج بنته من الزنا عند جمهور العلماء, وهو الصواب، فقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: عن بنت الزنا: هل تزوج بأبيها؟ فأجاب: الحمد لله، مذهب الجمهور من العلماء أنه لا يجوز التزويج بها, وهو الصواب المقطوع به؛ حتى تنازع الجمهور: هل يقتل من فعل ذلك؟ على قولين, والمنقول عن أحمد: أنه يقتل من فعل ذلك, فقد يقال: هذا إذا لم يكن متأولا, وأما المتأول فلا يقتل؛ وإن كان مخطئا, وقد يقال: هذا مطلقا - كما قاله الجمهور -: إنه يجلد من شرب النبيذ المختلف فيه متأولا؛ وإن كان مع ذلك لا يفسق عند الشافعي, وأحمد في إحدى الروايتين, وفسقه مالك, وأحمد في الرواية الأخرى, والصحيح: أن المتأول المعذور لا يفسق؛ بل ولا يأثم.

وعليه: فإن كنت تزوجتها من غير اعتقاد صحة الزواج, وإنما أخذت بكلام الشافعي - رحمه الله - تلقطا للرخص, واتباعا للهوى, فزواجك باطل؛ وعليك مفارقتها, والتوبة إلى الله عز وجل، وانظر الفتوى رقم: 35277، والفتوى رقم: 5592.

أما إذا كنت قلدت مذهب الشافعي مطمئنا إلى موافقته الحق، فلا حرج عليك حينئذ، واعلم أن إشهار الزواج مستحب عند الجمهور, كما بيناه في الفتوى رقم: 139436.

وأما توثيق الزواج في هذا الزمان فقد صار من الحاجات الملحة التي يترتب على فواتها مفاسد عظيمة, وتضييع حقوق شرعية خطيرة, سواء كانت المرأة بكرا أم ثيبا, ولودا أم عقيما، وانظر الفتويين: 61811، 39313.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة