مذاهب العلماء في قصر الصلاة في بلد الزوجة

0 559

السؤال

أنا ولدت في مكة, وعشت بها, وفيها مسكن والدي, ومعقود قراني على زوجتي التي تسكن جدة, ولم أدخل بها بعد, وأعمل في مدينة الباحة, وأمكث بها أربعة أيام كل أسبوع, فأين يجوز لي قصر الصلاة وجمعها؟ وأين لا يجوز ذلك؟ علما أني أمكث في الباحة 4 أيام, وفي جدة يومين, وفي مكة يوما.
جزاكم الله خيرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:

 فلا يجوز لك قصر الصلاة في مكة ما دامت هي موطنك ومحل إقامتك الأصلي على ما فهمناه من السؤال.

وأما الباحة: فالذي فهمناه من السؤال أنك تقيم فيها أربعة أيام بيومي الدخول والخروج: فإذا كان هذا هو الواقع فإنه يجوز لك قصر الصلاة فيها إذا كانت المسافة بينها وبين مكة من آخر بنيان مكة إلى أول بنيانها تزيد على ثلاثة وثمانين كيلومترا.

وأما جدة: فإن جئتها من مكة لم يجز لك قصر الصلاة فيها؛ لأن المسافة بين جدة وبين مكة دون مسافة القصر, كما بيناه في الفتوى رقم: 154693.

وإن جئتها من مسافة سفر فلك أن تقصر الصلاة فيها, لا سيما أنك لم تدخل بزوجتك بعد, وقد نص فقهاء المالكية على أن السفر ينقطع بدخول بلد فيها زوجة مدخول بها فقط, وأما غير المدخول بها فلا ينقطع السفر بدخول بلدة هي فيها, كما قال في منح الجليل: لا مكان زوجة لم يدخل بها. اهــ.

والشافعية يجوزون القصر في بلد الزوجة ما لم ينو إقامة أربعة أيام, قال الإمام الشافعي في الأم فيما تقصر فيه الصلاة من البلدان: وكذلك إن كان له بشيء منها ذو قرابة أو أصهار أو زوجة, ولم ينو المقام في شيء من هذه أربعا قصر إن شاء. اهـــ .

والحنابلة يمنعون من قصر الصلاة في بلد فيها زوجة للمسافر, ولم يفرقوا بين مدخول بها وغير مدخول بها, جاء في شرح المنتهى: أو مر ببلد له به امرأة - أي: زوجة - وإن لم يكن وطنه لزمه أن يتم حتى يفارقه. اهــ . وقال صاحب الإنصاف: ولو مر ببلد له فيه امرأة أو تزوج فيه أتم على الصحيح من المذهب. اهــ

ومثلهم الحنفية في الظاهر، جاء في البحر الرائق شرح كنز الدقائق: ويصير المصر مصرا للإنسان بكونه ولد فيه, واختلفوا فيما إذا دخل المسافر مصرا وتزوج بها, والظاهر أنه يصير مقيما؛ لحديث عمر - رضي الله عنه - ولقوله - عليه الصلاة والسلام - من تزوج في بلدة فهو منها والمسافرة تصير مقيمة بنفس التزوج عندهم - كذا في القنية -.

والخلاصة أن لك أن تقصر الصلاة في الباحة إن كانت مسافتك إليها مسافة قصر كما تقدم, ويلزمك إتمام الصلاة في مكة.

وأما جدة ففيها تفصيل: فإن جئتها من مكة لم تقصر الصلاة فيها, وإن جئتها من مسافة تبلغ ثلاثة وثمانين كيلومترا فأكثر جاز لك قصر الصلاة فيها على قول الشافعية والمالكية ومن وافقهم, ويلزمك الإتمام على قول غيرهم, وانظر الفتوى رقم: 69833 عمن أقام في مقر عمله أقل من أربعة أيام, والفتوى رقم: 187709.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة